أطلق النبي صلى الله عليه وسلم على بعض أصحابه لقب "أهل الصفة" وأهل الصفة هم فقراء المهاجرين الذين جاءوا المدينة ولا مأوى لهم بعد أن أجبرهم المشركون على ترك أموالهم وثرواتهم في مكة، حينما أرادوا الفرار بدينهم من طغيان المشركين.
واستمرت هجرة المهاجرين إلى المدينة، فكان هؤلاء الغرباء بحاجة إلى مأوى دائم أو مدة إقامتهم. ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم فكر في إيجاد المأوى للفقراء المقيمين والوفود الطارقين.
وحينما تم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة وذلك بعد ستة عشر شهرًا من هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حيث بقى حائط القبلة الأولى في مؤخر المسجد النبوي، أمر النبي صلى الله عليه وسلم به فظلل أو سقف وأطلق عليه اسم الصفة أو الظلة، ولم يكن لها ما يستر جوانبها.
فاتخذ المهاجرون الفقراء تلك الدار فيما بعد فاشتهرت بذلك، أي أن هذا المكان نسب إلى أهل الصفة ولم ينسبوا هم إليه، لأن نسبتهم كانت إلى صفة المسجد النبوي بالمدينة.
ولأن أهل الصفة كانوا أخلاطًا من قبائل شتى سماهم النبي صلى الله عليه وسلم (الأوفاض) وقيل في سبب هذه التسمية أيضًا إن كل واحد منهم كان معه وفضة: وهي مثل الكنانة الصغيرة يلقى فيها طعامه لكن القول الأول أجود.
عدد أهل الصفة
كان عددهم يختلف باختلاف الأوقات، فهم يزيدون إذا قدمت الوفود إلى المدينة ويقلون إذا قل الطارقون من الغرباء، على أن عدد المقيمين منهم في الظروف العادية كان في حدود السبعين رجلًا. وقد يزيد عددهم كثيرًا حتى أن سعد بن عبادة كان يستضيف وحده ثمانين منهم فضلًا عن الآخرين الذين يتوزعهم الصحابة.
أسماء أهل الصفة
1- أبو هريرة رضي الله عنه حيث نسب نفسه إليهم.
2- أبو ذر الغفاري رضي الله عنه حيث نسب نفسه إليهم.
3- واثلة بن الأسقع.
4- قيس بن طهفة الغفاري، حيث نسب نفسه إليهم.
5- كعب بن مالك الأنصاري.
6- سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي.
7- سلمان الفارسي رضي الله عنه.
8- أسماء بنت حارثة بن سعيد الأسلمي.
9- حنظلة بن أبي عامر الأنصاري (غسيل الملائكة).
10- حازم بن حرملة.
11- حارثة بن النعمان الأنصاري النجاري.
12- حذيفة بن أسيد أبو سريحة الأنصاري.
13- حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وهو من المهاجرين حالف الأنصار فعد في جملتهم.
14- جارية بن جميل بن شبة بن قرط.
15- جعيل بن سراقة الضمري.
16- جرهد بن خويلد (وقيل بن رزاح) الأسلمي.
17- رفاعة بن لبابة الأنصاري، وقيل اسمه بشير بن عبد المنذر من بني عمرو بن عوف.
18 – عبد الله ذو البجادين.
19- دكين بن سعيد المزني وقيل الخثعمي.
20- خبيب بن يساف بن عنبة.
21- خريم بن أوس الطائي.
22- خريم بن فاتك الأسدي.
23- خنيس بن حذافة السهمي.
24- خباب بن الأرت.
25- الحكم بن عمير الثمالي.
26- حرملة بن أياس، وقيل هو حرملة بن عبد الله العنبري.
27- زيد بن الخطاب.
28- عبد الله بن مسعود.
29- الطفاوي الدوسي.
30- طلحة بن عمرو النضري.
31- صفوان بين بيضاء الفهري.
32- صهيب بن سنان الرومي.
33 – شداد بن أسيد.
34- شقران مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
35- السائب بن خلاد.
36- سالم بن عمير من الأوس من بني ثعلبة بن عمرو بن عوف.
37- سالم بن عبيد الأشجعي.
38- سفينة مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
39- سالم مولى أبي حذيفة.
40- أبو رزين.
41- الأغر المزني.
42- بلال بن رباح.
43- البراء بن مالك الأنصاري.
44- ثوبان مولى النبي صلى الله عليه وسلم.
45- ثابت بن وديعة الأنصاري.
46- ثقيف بن عمرو بن شميط الأسدي.
47- سعد بن مالك أبو سعيد الخدري رضي الله عنه.
48- العرباض بن سارية.
49- غرفة الأزدي.
50- عبد الرحمن بن قرط.
51- عباد بن خالد الغفاري.
اظهار أخبار متعلقة
انقطاعهم للعلم والعبادة والجهاد
انقطع أهل الصفة للعلم والاعتكاف في المسجد للعبادة وألفوا الفقر والزهد، فكانوا في خلواتهم يصلون ويقرأون القرآن ويتدارسون آياته ويذكرون الله تعالى، ويتعلم بعضهم الكتابة حتى أهدى أحدهم قوسه لعبادة بن الصامت رضي الله عنه لأنه كان يعلمهم القرآن والكتابة، واشتهر بعضهم بالعلم وحفظ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل أبي هريرة رضي الله عنه الذي عرف بكثرة تحديثه، وحذيفة بن اليمان الذي اهتم بأحاديث الفتن.
ومع ذلك لم يعزلهم الانقطاع للعلم والعبادة عن الجهاد والعمل، بل كان منهم الشهداء بغزوة بدر مثل صفوان بن بيضاء، وخريم بن فاتك الأسدي وخبيب بن يساف وسالم بن عمير وحارثة بن النعمان الأنصاري، ومنهم من استشهد بغزوة أحد مثل حنظلة الغسيل، ومنهم من شهد الحديبية مثل جرهد بن خويلد وأبو سريحة الغفاري، ومنهم من استشهد بغزوة خيبر مثل ثقف بن عمرو، ومنهم من استشهد بغزوة تبوك مثل عبد الله ذو البجادين، ومنهم من استشهد بمعركة اليمامة مثل سالم مولى أبي حذيفة وزيد بن الخطاب، نعم هكذا كانوا رهبانا في الليل فرسانا في النهار.
زهدهم وفقرهم
كان أهل الصفة يخرون في الصلاة لما بهم من الجوع حتى يقول الأعراب إن هؤلاء مجانين وكان أبو هريرة رضي الله عنه يصرع بين المنبر وحجرة عائشة رضي الله عنه لما به من الجوع، لكن قلة طعامهم ما كانت لتؤدي بهم إلى الشره والمغالبة على الطعام، بل كانت حقوق الأخوة وآدابها تحكم علاقاتهم ببعضهم، وقد حكى أبو هريرة رضي الله عنه أنهم كانوا إذا اجتمعوا على أكل التمر وأكل أحدهم تمرتين معًا قال لأصحابه (إني قد قرنت فأقرنوا) لئلا ينال من التمر أكثر منهم.
وقنعوا بالقليل من الطعام والخشن من الثياب، وعافت نفوسهم القصور لينقطعوا إلى العبادة والعلم والمجاهدة، فكانوا أمثلة للزهد والترفع عن الدنيا.
اقرأ أيضا:
ماذا تعرف عن الريح التي تقبض أرواح المؤمنين؟رعاية النبي لأهل الصفة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعهد أهل الصفة بنفسه، فيزورهم ويتفقد أحوالهم ويعود مرضاهم، كما كان يكثر مجالستهم ويرشدهم ويواسيهم ويذكرهم ويقص عليهم ويوجههم إلى قراءة القرآن الكريم ومدارسته وذكر الله والتطلع إلى الآخرة ويشجعهم على احتقار الدنيا وعدم تمني الحصول على متاعها، وكان إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها، وكثيرًا ما كان يدعوهم إلى تناول الطعام في إحدى حجرات أزواجه رضي الله عنه.
وقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ابنته فاطمة رضي الله عنه أن تتصدق عليهم لما ولدت الحسن رضي الله عنه بوزن شعره من الفضة.
وقد جاءه مرة سبي فسألته ابنته فاطمة رضي الله عنه خادمًا لأنها تعبت من كثرة أعمالها وكلت فأجابها (عليه الصلاة والسلام:) "أخدمكما وأدع أهل الصفة تطوي" وأوضح لها أنه سيبيع السبي وينفقه على أهل الصفة، ويبدو أنها سألته أيضًا أن يعطيها مالًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد زار عليا رضي الله عنه فوجد أن فراشهما قصير لا يغطيهما فعلمهما كلمات في الدعاء وآثر إعطاء أهل الصفة عليهما وقال: "لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تلوي بطونهم من الجوع".
وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بالتصدق على أهل الصفة، فجعلوا يصلونهم بما استطاعوا من خير فكان أغنياء قريش يبعثون بالطعام إليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوزع أهل الصفة بين أصحابه بعد صلاة العشاء ليتعشوا عندهم، ويقول: من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث وإن أربع فخامس أو سادس، فيأخذ الصحابة بعضهم ومن بقى منهم يصحبهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى داره فيتعشون معه".