إمامة "الخنثى" في الصلاة، هي من المسائل التي تطرق إليها العلماء، وإن لم تكن بكثير فائدة لاعتبار ندرة وقوعها؛ إلا أنها حادثة واقعة، وتفريعاتها كثيرة.
ما المقصود بالخنثى؟
الْخُنْثَى: أَصْلُهُ من خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ، فلم يَخْلُصْ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ منه3.
قال الشافعي: الخنثى هو الذي له ذكر كالرجال، وفرج كالنساء، أو لا يكون له ذكر ولا فرج، ويكون له ثقب يبول منه.
اقرأ أيضا:
ما حكم الاحتلام وممارسة العادة السرية في نهار رمضان؟ (الإفتاء تجيب)وينقسم الخنثى إلى مشكل وغير مشكل
فالذي يتبين فيه علامات الذكورية أو الأنوثة فيعلم أنه رجل أو امرأة فليس بمشكل، وإنما هو رجل فيه خلقة زائدة، أو امرأة فيها خلقة زائدة، فإذا ظهرت علامات مثل: نبات لحيته، وخروج المني من ذكره؛ فالخنثى رجل عملاً بالعلامة للزوم اطرادها، أو ظهرت فيه علامات النساء من الحيض، والحمل، وسقوط الثديين، أو تفلكهما قال في القاموس: وفلك ثديها وأفلك وتفلك أي: استدار فهو امرأة5.
وليس يهمنا في هذا المبحث الخنثى غير المشكل لإنه سيعطى حكم ما حكمنا عليه بذكورة أو أنوثة، وبناء على تحديد جنسه يترتب عليه أحكام الرجال، وإمامتهم في الصلاة إن كان رجلاً، أو أحكام النساء وإمامتهن في الصلاة إن كانت امرأة.
إنما المشكل في الخنثى هو المشكل وهو من لا يتبين فيه علامات الذكورة أو الأنوثة، ولا يعلم أنه رجل أو امرأة، أو تعارضت فيه العلامات، فتحصل من هذا أن المشكل نوعان:
ولا خلاف بين الفقهاء في أن الخنثى لا تصح إمامته لرجل ولا لمثله لاحتمال أنوثته وذكورة المقتدي، وأما النساء فتصح إمامة الخنثى لهن مع الكراهة أو بدونها عند الحنفية، والشافعية، والحنابلة؛ لأن غايته أن يكون امرأة، وإمامتها بالنساء صحيحة، قال صاحب روضة الطالبين: "فالخنثى المشكل فيه وجهان: أصحهما الأخذ بالأشد، فيجعل مع النساء رجلاً، ومع الرجال امرأة".
واختلفوا في كيفيتها:
فذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة ما عدا ابن عقيل؛ إلى أن الخنثى إذا أمَّ النساء قام أمامهن لا وسطهن؛ لاحتمال كونه رجلاً، فيؤدي وقوفه وسطهن إلى محاذاة الرجل للمرأة.
ثم يرى الحنفية أن الخنثى لو صلى وسطهن فسدت صلاته بمحاذاتهن على تقدير ذكورته، وتفسد صلاتهن على هذا الأساس، والشافعية على أن التقدم عليهن مستحب، ومخالفته لا تبطل الصلاة.
وقال ابن عقيل: يقوم وسطهن ولا يتقدمهن.
وصرح الحنابلة بأنه لا فرق في ذلك بين الفرض والتراويح وغيرها.
وفي رواية عن أحمد تصح في التراويح إذا كان الخنثى قارئاً، والرجال أميون؛ يقفون خلفه.
وأما المالكية فلا يتأتى ذلك عندهم؛ لأن الذكورة شرط عندهم في صحة الإمامة، فلا تجوز إمامة الخنثى ولو لمثله في نفل، ولم يوجد رجل يؤتم به.