لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية أكدت وجود اتفاق عديدة وفروق واضحة بين الهدي والأضحية والعقيقة في ظل اقتراب عيد الاضحي المبارك وبدء الأيام العشر الأوائل من شهر ذي حجة وهي أيام مباركة أقسم الله بها في سورة والفجر وليال عشر
اللجنة حصرت في منشور لها أولا أوجه الاتفاق بين هذه الثلاث الأول كونها عبادة يُتقرَبُ بها إلى الله سُبْحَانَهُ وتعالى، فالهدي: ما يُهْدَى إلى الحرم من بيهمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم ) تقربًا إلى الله، والأضحية: ما يُذبَحُ من بهيمة الأنعام في أيام النحر( يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ) تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى،
أما العقيقةفهي ما يُذبَحُ عن المولود شكرًا لله على نعمة الولد وتقربًا إليه، فكُلٌّ من هذه النسك الثلاثة يُذْبَحُ تقربًا إِلَى الله تعالى، وَشكْرًا له عَلَى نِعَمِهِ .
وجه الشبه الثاني بين الأضحية والعقيقة والهدي تتمحور حول كونها من بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم) على الراجح المفتى به، وإن وقع الخلاف بين الأئمة الأربعة في الأفضل في الأضحية من بهيمة الأنعام، كما اتفقوا على جنس العقيقة من الغنم، واختلفوا هل يقوم غير الغنم من الإبل والبقر مقامها في العقيقة أم لا؟.
ومن المهم بحسب لجنة الفتوي بمجمع البحوث الإسلامية الإشارة إلي وجه الاتفاق الثالث المتمثل في أن الثلاثة خالية من العيوب، سالمة من الآفات؛ لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، فلا يجزيء فيها العرجاءُ البيِّنُ عرجُها، ولا العوراءُ البيِّنُ عورُها، ولا المريضةُ البيِّنُ مرضُها، ولا العجفاءُ الهزيلةُ، فينبغي أن تكون سمينةً طيبةً.
كما يشترط فيها توافرُ الأسنانُ المطلوبة شرعًا، فينبغي أن تبلغ الشاةُ السنة من عمرها، والبقرة السنتين، والناقة الخمس سنين
ومن أوجه التشابه بينهم إراقة الدم مقصودة في هذه النسك الثلاثة على الراجح المفتى به، فلا تجزئ القيمة في الهدي الواجب- إلا ما ورد النص فيه على جواز إخراج القيمة فيه كالهدي الواجب جزاء الصيد-، ومن ثَمَّ فلايجوز أن يتصدق بقيمة الهدي أو الأضحية أو العقيقة؛ لأن إراقة الدم مقصودة .
اللجنة تطرقت كذلك لأوجه الاختلاف بين هذه الثلاث في مقدمتها :الحكم: الهدي منه ما هو واجب، ومنه ما هو مستحبٌّ، أما الأضحية والعقيقة فكلاهما سنة مؤكدة على الراجح المفتى به خلافًا لمن أوجبهماالسبب: العقيقة تذبح للتقرب إلى الله تعالى والشكر له على نعمة الولد، أما الأضحية فإنها تذبح للتقرب إلى الله تعالى، والشكر له سبحانه على نعمة الحياة في أيام النحر، أما الهدي فهو ما يذبح من الأنعام في الحرم في أيام النحر للتمتع ونحوه.
وجه الاختلاف الثاني بحسب منشور لجنة الفتوي يتمثل في المكان والزمان: فالهدي يذبح في أيام النحر وفي الحرم، أما العقيقة فمرتبطة بوقت ولادة المولود، وفي أي مكان، أما الأضحية فإنها تذبح في أيام النحر، وهو وقتها، وفي أي مكان كالعقيقة .أما فيما يتعلق بالأكل: يجوز الأكل من الأضحية والعقيقة وهدي التطوع، أما هدي التمتع والقران فالراجح جواز الأكل، أما الأكل من هدي الكفارات والإحصار والمنذور فقد وقع الخلاف فيه أيضًا والراجح عدم الجواز .
الاشتراك هو وجه الاحتلاف الثالث : ومعنى الاشتراك في النسك أن يشترك سبعة أفراد في واحدة من البقر أو الإبل بحيث لايقل نصيب الواحد عن سُبُع، وَأَجْمَعوا عَلَى أَن الشَّاة لا يجوز الاشْتِرَاك فِيهَا، قال ابن هبيرة: {واتفقوا على أنه تجزئ البدنة عن سبعة، وكذلك البقرة، والشاة خاصة عن واحد}
الأئمة والعلماء اختلفوا في هذا الأمر ، فيجوز في الهدي التشريك فمن كان عليه شاة فله أن يشترك في سبع بقرة أو جمل على الراجح المفتى به، وكذا في الأضحية، والدليل على ذلك ما رواه مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وإن كان النص واردًا في الهدي إلا أن الأضحية تقاس عليه كما نص الفقهاء.
أما العقيقة بحسب مجمع البحوث الإسلامية فقد وقع الخلاف في جواز المشاركة فيها والراجح الجواز، يقول النووي: {ولو ذبح بقرة أو بدنة عن سبعة أولاد أو اشترك فيها جماعة جاز سواء أرادوا كلهم العقيقة، أو أراد بعضهم العقيقة، وبعضهم اللحم كما سبق في الأضحية")
اللجنة شددت علي أنه يسن للمضحي: عدم أخذ شيء من شعر رأسه وأظافره مع هلال ذي الحجة إلى أن يضحي على الراجح المفتى به، ولا يسن ذلك لمن أراد العقيقة كما يحرم بيع جلد الأضحية والهدي: ولو تصدق بثمنه، أما بيع جلد العقيقة والتصدق بثمنه فقد وقع فيه الخلاف حيث أجاز الحنابلة بيع جلدها والتصدق به.
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسناتالإمام ابن قدامه -رحمه الله- علل هذا الفرق بقوله: {ويحتمل أن يفرق بينهما من حيث إن الأضحية ذبيحة شرعت يوم النحر، فأشبهت الهدي، والعقيقة شرعت عند سرور حادث، وتجدد نعمة، فأشبهت الذبيحة في الوليمة} المغني (9/ 463)يتفاضل الذكر عن الأنثى في العقيقة عند الجمهور فيسن عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة، ولو عق عن الغلام شاة واحدة جاز وهو قول عند المالكية، ومروي عن ابن عمر، وعروة بن الزبير، وأسماء بنت أبي بكر .
أما الأضحية والهدي فالذكر والأنثى فيهما سواء بحسب منشور المجمع فيسن في الأضحية اللحم أي أن توزع لحمًا على الفقراء، بخلاف العقيقة فالسنة فيها الطبخ بأن تطبخ ويدعى إليها الفقراء والمساكين، أما الهدي فيوزع على فقراء الحرم ومساكينه.
.