كثير منا لا ينفك يسأل عن المستقبل، بل يصل الأمر حد الخوف منه، وأنه يخشى أن يكون أسوأ من الآن، وقد يعيش البعض في رعب شديد خوفًا من أمور لم تحدث بالمرة، لماذا كل هذا القلق الشديد، والمستقبل والغيب بالأساس بيد الله عز وجل، ولا أحد يعلم ما الذي سيحل به بعد دقيقة، فكيف بشهور وسنوات؟!
بالأساس الإيمان بالغيب من صفات المؤمنين، قال تعالى: «ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ » (البقرة: 2، 3)، لكن مع ربط الأمر كله بيد الله عز وجل وحده، دون الدخول في أمور قد تضر ضررًا بليغًا بصاحبها، ممن يلجأون إلى الدجل لقراءة الغيب وما شابه.
الغيب بيد الله وحده
المسلم يدرك جيدًا أن الغيب بيد الله وحده، لكن للأسف البعض يقع في مغبة الخوف منه، ويتناسون أنه حين وكل أمره كله لله، كفاه الله ووقاه من أي سوء.
قال تعالى: «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ » (الأنعام: 59).
إذن مادام الأمر كله لله وبيد الله، فتوقع الغيب والمستقبل جميلاً، لأنه بيد غفور رحيم، أما من يلجأ إلى مشعوذ أو دجال يسأله الغيب، فإنما وقع في إثم عظيم، فضلا عن أن هذا الدجال لا يمكن أن يبلغه الحقيقة.
قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ » (لقمان: 34).
اقرأ أيضا:
لماذا أجر الصوم مضاعف في رمضان؟النبي نفسه لا يعلم الغيب
فيا من تبحثون عن الغيب، محاولة منكم في معرفته أو تغييره، ألا تدرون أن الله عز وجل بذاته العليا لم يعط علم الغيب لخير البشر، وهو نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم.
يول القرآن الكريم حكاية عن النبي الأكرم عليه الصلا والسلام: «قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ » (الأعراف: 188)، فإذا كان خير الشر كذلك، فكيف بنا نحن؟..
إذن الأمر كله أن نؤمن بالغيب خيره وشره، لأن هذا من شروط كمال الإسلام، لكن أن نفكر في كيف يكون، أو أن نتصور أن بأيدينا تغييره، لمجرد اللجوء لدجال أو غيره، فإننا بذلك نرتكب حماقة كبير، توقعنا في ذنب كبير جدًا.
فلنحذر من مثل هذه الأمور، وما علينا فقط إلى الثقة في الله عز وجل والطمأنينة بأنه لا يبعث إلا كل ما هو جميل.