حث الله تعالى على الذكر في كل وقت ولا يسقط بحال ، حتى في حالة الحرب ومع كل اعبادات، لما يريده الله من الصلة بين العبد وربه، ولذلك يعطى للذاكرين ما لا يعطى لغيرهم من الأجر والمثوبة.
من أقوال ومواعظ عون بن عبد الله بن عتبة
وقد كان عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي رحمة الله عليه، وهو أخو عبيد الله بن عبد الله رضي الله عنه، من عبّاد أهل الكوفة وقرائهم , ويعد من سادات التابعين.
وكان له مواعظ وأقول جميلة في الذكر والعبادة، ومن ذلك كان يقول: إن لكل رجل سيدا من عمله، وإن سيد عملي الذكر.
وكان يقول: ذكر الله صقال القلوب.
وقال: ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل في المدبرين.
وأيضا كان يقول : ذاكر الله في غفلة الناس كمثل الفئة المنهزمة يحميها الرجل، لولا ذلك الرجل هزمت الفئة، ولولا من يذكر الله في غفلة الناس هلك الناس.
وفي رواية عنه لو يأتي على الناس ساعة لا يذكر الله فيها، لهلك من في الأرض جميعا.
وقال عون بن عبد الله: كانوا يتلاقون فيتساءلون، وما يريدون بذلك إلا أن يحمدوا الله عز وجل.
ومن جميل مواعظه : إن الجبل لينادي الجبل باسمه: يا فلان هل مر بك اليوم ذاكر لله تعالى، فيقول: نعم، فيستبشر به , ثم قال عون: هن للخير أسمع، أفيسمعن الزور والباطل ولا يسمعن غيره، ثم قرأ: " لقد جئتم شيئا إدا" تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا".
وجاء إلى عون بن عبد الله أكثر من عشرين ألف درهم، فأنفقها وتصدق بها، فقال له لو اعتقدت عقدة لولدك فقال: اعتقدها لنفسي واعتقد الله لولدي.
وقيل له : تتصدق بضيعتك وتدع عيالك، قال أقدم هذه لنفسي وأدع الله لعيالي.
اقرأ أيضا:
للعالم والمتعلم.. نصائح ذهبية من الإمام عليمجالسته للأغنياء
وقال عون بن عبد الله: كنت أجالس الأغنياء فكنت من أكثر الناس هما وأكثرهم غما، أرى مركبا خيرا من مركبي، وثوبا خيرا من ثوبي فأهتم، فجالست الفقراء فاسترحت.
وكان يقول: إن من العصمة أن تطلب شيئا من الدنيا فلا تجده.
وقال عون بن عبد الله: كان يقال: أزهد الناس في عالم أهله، وكان يضرب مثل ذلك كالسراج بين أظهر القوم، يستصبح الناس منه، ويقول أهل البيت: إنما هو معنا فلم يفجأهم إلا وقد طفئ السراج.
وكان يقول: اليوم المضمار وغدا السباق، والسبقة الجنة، والغاية النار، فبالعفو تنجون، وبالرحمة تدخلون الجنة، وبالأعمال تقتسمون المنازل.
وقال: ما أحسب أحدا تفرغ لعيب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه.
وقال: ما أقبح السيئات بعد السيئات، وأحسن الحسنات بعد السيئات، وأحسن من ذلك الحسنات بعد الحسنات.
وكان يقول: كان الفقهاء يتواصون بينهم بثلاث: من عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.
وقال عون: كان أخوان في بني إسرائيل، فقال أحدهما لصاحبه: ما أخوف عمل عملته عندك؟ فقال: ما عملت عملا أخوف عندي من أني مررت بين مزرعتي قمح فأخذت من أحدهما سنبلة، ثم ندمت فأردت أن ألقيها في المزرعة الذي أخذتها منه، فلم أدر أي المزرعتين هي، فطرحتها في أحدهما، فأخاف أن أكون قد طرحتها في المزرعة الذي لم آخذها منه.
ثم قال: فما أخوف عمل عملته أنت عندك؟ قال: إن أخوف عمل عملته عندي، إذا قمت في الصلاة أخاف أن أكون أحمل على إحدى رجلي فوق ما أحمل على الأخرى، وأبوهما يسمع كلامهما، فقال: اللهم إن كانا صادقين فاقبضهما إليك قبل أن يفتتنا فماتا، قال: فما ندري أي هؤلاء أفضل.
قال يزيد بن هارون: أيهما أفضل؟ الأب أرى أفضل.
وقال عون: إن الله ليكره عبدا على البلاء، كما يكره أهل المريض المريض على الدواء، ويقولون: اشرب هذا فإن لك في عاقبته خيرا.