نشأ الإنسان على حبّ المال، وليس أثقل على الإنسان من أن يمد يده في جيبه ليخرج منها ما يعين الفقراء على فقرهم، فالعناية بالضعفاء والفقراء أمر شرعي حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك ربط الله سبحانه وتعالى بين الصدقة وبين الإيمان، كما جعلها سرا من أسرار فك الكروب وتفريج الهموم ونزول نصر الله تعالى على عباده المؤمنين.
وإخراج المال وبذله للآخرين مآله إسعاد فئات متنوعة من المجتمع وسد حاجاتهم، وبالتالي الجزاء من جنس العمل، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، فالله سبحانه تكفل لمن أنفق دون رياء وبذل بلا مَنّ وأذى، أن يداوي مرضاه ويعافي مبتلاه.
فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ».
علاج الأمراض
وعلاج الأمراض له صلة وثيقة بالعقيدة وحسن التوكل على الله، يقول سبحانه عن إبراهيم عليه السلام: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} ، أي: إذا وقعت في مرض فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره، بما يقدر من الأسباب الموصلة إليه.
والمرض قاهر الرجال وعدو الإنسان، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم«تداووا عباد الله فإن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد: الهرم» ، وهذا الإخبار الهام لا يصدر إلا بوحي رباني، فعلاج المرضى بالصدقة جزء من ذلك.
وقد دل النبي صلى الله عليه وسلم إن الطب نوعان جسماني من خلال الأخذ بالاسباب، وروحاني فأمر النبي بمداواة المرضى بالصدقة ونبه بها على بقية أخواتها من القرب كإغاثة ملهوف وإغاثة مكروب.
يقول ابن القيم: "فإن للصدقة تأثيرًا عجيبًا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه".
و الصدقة تطفئ غضب ربك ,قال صلى الله عليه وسلم "ان الصدقة لتطفئ غضب الرب"
اقرأ أيضا:
الذكر يريح القلب ويبعث الطمأنينة .. تعالوا نذكر الله بهذه الطريقةتزكية للنفوس
والزكاة والصدقة تُزكي النفوس وتطهرها من أدران الشح والبخل والطمع والانكباب على الماديات، فينعكس ذلك على راحة البال وطمأنينة النفس وانشراح الصدر، ولهذا علاقة قوية وثيقة بكثير من الأمراض التي معظمها ناتجة عن اضطرابات نفسية.
روى الترمذي وقال: حسن صحيح، وأحمد وبعضه في مسلم، عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ثلاثة أُقسم عليهن وأحدثكم حديثاً فاحفظوه، قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عز وجل بها عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر. وأحدثكم حديثاً فاحفظوه قال: إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله عز وجل مالاً وعلماً، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله عز وجل فيه حقاً، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله عز وجل علماً ولم يرزقه مالاً، فهو صادق النية، يقول: لو أن لي مالاً لعملت به بعمل فلان فهو بنيته، فأجرهما سواء. وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه عز وجل ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً، فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً، فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، فوزرهما فيه سواء».