كان العابد أبو الخير الأقطع رحمه الله، من أهل الشام، له كرامات، حيث كان يأنس به السباع والهوام.
حكاية عجيبة:
يقول أبو الخير الأقطع: دخلت مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنا بفاقة فأقمت خمسة أيام ما ذقت ذواقا، فتقدمت إلى القبر وسلمت على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أبي بكر، وعمر رضي الله عنهما.
وقلت: أنا ضيفك الليلة يا رسول الله، وتنحيت ونمت خلف المنبر، فرأيت في النوم النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعلي بن أبي طالب بين يديه، فحركني علي رضي الله عنه وقال لي: قم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فقمت إليه وقبلت بين عينيه، فدفع إليّ رغيفا فأكلت نصفه فانتبهت فإذا في يدي نصف رغيف.
وكان يقول: لن يصفو قلبك إلا بتصحيح النية لله، ولن يصفو بدنك إلا بخدمة أولياء الله.
وقال: ما بلغ أحد إلى حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة، ومعانقة الأدب، وأداء الفرائض، وصحبة الصالحين، وخدمة الفقراء الصادقين.
ومن كلامه الجيد: حرام على كل قلب مأسور بحب الدنيا أن يسيح في روح الغيوب.
وقال: القلوب ظروف، فقلب مملوء إيمانا فعلامته الشفقة على جميع المسلمين والاهتمام بما يهمهم ومعاونتهم على ما يعود صلاحه إليهم، وقلب مملوء نفاقا فعلامته الحقد والغل والغش والحسد.
واقعة أخرى بالمدينة المنورة:
يقول أحد العابدين : " أجدبت المدينة، واشتد حال أهلها، وتكشف قوم مستورون، وخرجوا يدعون، فمررت يوما بسوق الطعام وما فيه حبة حنطة ولا شعير فإذا أبو نصر المدني المبتلى رحمه الله، جالس منكس رأسه.
فقلت له: يا أبا نصر، أما ترى ما فيه حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: بلى، قلت: أفلا تدعو الله لعله يفرج ما هم فيه؟ قال: بلى، وحوّل وجهه إلى القبلة وقال: اجلس عن يميني، قال: فجلست، فانكب فعفر وجهه في التراب، ثم رفع رأسه، فقال: يا فارج الهم، كاشف الغم، مجيب دعوة المضطرين، رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، صل على محمد وعلى آل محمد، فرج ما أصبح فيه أهل حرم نبيك، عليه السلام، ثم غاب فذهب، فقمت من عنده، فوالله ما برحت من السوق، حتى رأيت الشمس قد تغطت، فرفعت رأسي، فإذا جراد أرى سوادهن في الهواء، فما زلن يسقطن وأنا واقف أنظر حتى ملأت المدينة، فاستغنى كل قوم بما في دارهم من جراد محشو الأجواف، فطبخوا، وملحوا، وقلي من قدر على الزيت وملأ الناس الحباب والجراد والقواصر، وألقوه في جوانب بيوتهم، ثم نهض بعد ثلاث فانتشر في عراض المدينة لم يخرج منها إلى غيرها، فما مرت بنا ثلاث حتى جاءت عشر سفائن دخلت الجار، فإذا هي دخلت في الوقت الذي دعا فيه أبو نصر فرجع السعر إلى أرخص ما كان ورجع حال الناس إلى أحسن ما كانت.
قال: فأتيت أبا نصر وهو في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا أبا نصر أما ترى إلى بركة دعائك؟ فقال: لا إله إلا الله، هذه رحمة الله وسعت كل شيء ".
اقرأ أيضا:
لا تعبر بما يسيء إليك وتخير ألفاظك