لكل منا صديق مقرب، وصاحب يحبه، لكن مهما قال أحدهم إن صاحبه يحبه ويهتم به، ليس هناك كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حبهم له، وشوقهم له إذا غاب، ونظرتهم له إذا حضر، وحرصهم على التقرب منه والتودد له، بل وحرصهم على الدفاع عنه بأرواحهم، حيث كانت الجملة السائدة حينئذ: «بأبي أنت وأمي يا رسول الله».
فقد كانوا رضوان الله عليهم أجمعين يتابعونه ليل نهار، بمنتهى الحب والإخلاص والوفاء، ووصل الأمر أن اهتم به أصحابه في كل جانب، حتى أنهم كانوا يعدون شعرات رأسه البيضاء، وكانوا يحتسبون سكتاته.. ولما لا وهو نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم.
هكذا أحبوه
لم يترك أي صحابي أي فرصة إلا وحاول الاقتراب من النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، سواء بالسؤال أو بالمجالسة أو حتى بمصحابته في أي طريق، ويروى أن كثير من الصحابة كانوا إذا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، تصرفوا بحب جارف لا مثيل له، بل أنهم بمجرد أن يسمعوا كلمة منه، إلا وينفذوا الأمر فورًا، فهذا عبدالله بن رواحة رضي الله عنه أحد أمراء غزوة مؤتة سمع النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وهو يخطب يقول: «اجلسوا»، فجلس وكان خارج المسجد، فلما انتهى من خطبته بلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «زادك الله حرصًا على طواعية الله وطواعية رسوله».
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاطاعة لا مثيل لها
أطاع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، النبي الأكرم، بشكل لا مثيل له، حتى في غيابه عنهم، ويقول عبدالله ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما إنهما كانوا في سفر فمر بمكان فحاد عنه (أي مال) فسئل: لم فعلت؟ فقال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ففعلت».
لو تتبعنا الروايات التي تكشف لأي مدى كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحبونه، لاحتجنا إلى ملايين من الورق والكتب، فهذا زيد بن الدثنة رضي الله عنه لما أسر في إحدى الغزوات وجيء به إلى مكة واشتراه صفوان بن أمية وأخرجه إلى التنعيم ليقتله بأبيه أمية بن خلف، اجتمعت عليه قريش وفيهم أبو سفيان فقال له: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك؟! قال: والله ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي، قال أبو سفيان: «ما رأيت من الناس أحدًا يحب أحدً كحب أصحاب محمد لمحمد صلى الله عليه وسلم»، ثم قتلوه رضي الله عنه.