لا يوجد أحد في الأمة أصيب بمصاب إلا وله أسوة وقدوة في مصاب النبي صلى الله عليه وسلم بين موت أم وولد وأب وجد وغيرها من الأمور التي أصيب بها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال في حق نفسه : "أوذيت في الله وما أوذي أحد".
ومن أكبر المصاب الذي أصيبه النبي صلى الله عليه وسلم في حياته هو وفاة أبنائه في حياته، خاصة أولاده الذكور.
قال الإمام العلامة شيخ الأطباء ابن النفيس- رحمه الله تعالى-: لما كان صلى الله عليه وسلم مزاجه شديد الاعتدال لم يكن أولاده صلى الله عليه وسلم إناثا فقط، لأن ذلك إنما يكون لبرد المزاج، ولا ذكورا فقط، لأن ذلك إنما يكون لحرارة المزاج.
وأضاف ابن النفيس أنه لما كان مزاج النبي صلى الله عليه وسلم معتدلا فيجب أن يكون له بنون وبنات وبنوه يجب أن لا يطول أعمارهم، لأن أعمارهم إذا طالت بلغوا إلى سن النبوة وحينئذ فلا يخلو إما أن يكونوا أنبياء أو لا يكونوا كذلك.
ويوضح في حديثه : ولا يجوز أن يكونوا أنبياء، وإلا لما كان هو خاتم النبيين، ولا يجوز أن يكونوا غير أنبياء وإلا لكان ذلك نقصا في حقه صلى الله عليه وسلم وانحطاطا عن درجة كثير من الأنبياء، فإن كثيرا من الأنبياء أولادهم أيضا أنبياء.
وأما بنات النبي صلى الله عليه وسلم فيجوز أن تطول أعمارهن، إذ النساء لسن بأهل للنبوة.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاوكان القاسم أكبر أولاد النبي صلى الله عليه وسلم وبه كان يكنى فهو أول أولاده، وأول من مات منهم، ولد بمكة قبل النبوة ومات صغيرا، وقيل: بعد أن بلغ سن التمييز.
وقيل: قد عاش القاسم حتى مشى، وقال مجاهد: عاش القاسم سبع ليال.
وعنجبير بن مطعم، قال: مات القاسم، وله سنتان، وروي أيضا عن قتادة نحوه، وعن مجاهد: أنه عاش سبعة أيام، وقيل :إنه عاش سبعة عشر شهرا.
وقال الإمام السهيلي: بلغ المشي غير أن رضاعته لم تكمل.
واختلفوا هل أدرك زمن النبوة، فقيل كان القاسم بلغ أن يركب الدابة، ويسير على النجيدة، فلما قبض، قال العاص بن وائل: لقد أصبح محمد أبتر فنزلت: " إنا أعطيناك الكوثر" أي عن مصيبتك يا محمد بالقاسم فهذا يدل على أن القاسم مات بعد البعثة.
وعن فاطمة بنت الحسين عن أبيها قال: لما مات القاسم قالت خديجة: يا رسول الله، درّت لبينة القاسم، فلو كان الله أبقاه حتى يتم رضاعه قال: إن إتمام رضاعته في الجنة، لو أعلم ذلك يا رسول الله ليهون عليّ، فقال: إن شئت دعوت الله تعالى، فأسمعك صوته فقالت: بل أصدق الله تعالى ورسوله.