.ثابت بن شماس بن قيس صحابي أنصاري خزرجي جليل أسلم بعد غزوة بدر وشهد جميع غزوات الرسول بعدها وأخي النبي بينه وبين سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنهما ..كان خطيبا مفوها وجهوري الصوت ، قوامًا بالكلمة الفاضلة ، منحه الله عزَّوجل لسانًا قؤولًا ، وقلبًا عقولًا ، ولسانًا بليغًا ، كما عُرِفَ عنه حبه للشعر ، والخطابة ، والكتابة
وكانت قصة إسلام الصحابي الجليل مثيرة إذ ارتبطت بإرسال النبي سفيره إلي المدينة سيدنا مصعب بن عمير رضي الله عنه يقرئ أهلها القرآن ، ويعلمهم الإسلام ، ويفقههم في الدين ، وعندما نزل بالمدينة أقام عند أسعد بن زرارة من بني النجار ، وكان أسعد من النفر الذين أسلموا يوم عرض النبي دعوته ومن الذين حضروا بيعة العقبة الأولى والثانية
الصحابي الجليل مصعب بن عمير رضي الله عنه أخذ يدعو الناس لدعوة النبي عليه الصلاة والسلام بأسلوب لبق وفطن ، فكان يدعو الناس بالحكمة والموعظة الحسنة ، وذات يوم سمع ثابت بالداعية المكي الذي ينزل بدار أسعد ، وما كاد يسمع القرآن الكريم يرتله مصعب بن عمير حتى خشع إليه بسمعه وقلبه أسرت معاني القرآن وروعته قلب الصحابي الجليل رضي الله عنه ، وما لبث أن شرح الله صدره للإسلام ، فانطلق ينطق بالشهادة ، وانضوى تحت لواء الإسلام ، كما أسلمت أمه في ذلك الوقت ، وكان معروفًا عنها أنها ذات عقل وافر ، وحكمة ، وروية
وكما قلنا كان ثابت بن قيس ذا صوت جهوري وكان يرفع صوته في حضرة الرسول ويجاهر بالدفاع عن العقيدة السمحة لدرجة أنه شعر بالحزن ولزم بيته كما قال عكرمة مولي ابن عباس عندما نزلت الأية الكريمة " لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ وهنا قال زيد : أنا كنت أرفع صوتي فوق صوته، فأنا من أهل النار.
وعندما نزلت الأية الكريمة لزم الصحابي الجليل بيته، فافتقده رسول الله وسأل عنه فأبلغه جمع من الصحابة بما قاله وأنه يعتبر نفسه من أهل النار بحسب ما جاء في الأية الكريمة وهنا رد الرسول ،: «بل هو من أهل الجنة»أي أن الرسول صلي الله عليه وسلم بشره الرسول بالجنة في حياته .الصحابي الجليل جمعته بالرسول صلي الله عليه وسلم مواقف عديدة منها ما جري في عام الوفود حيث قدم وفد تميم، فتفاخر خطيبهم بأمور، فأمر النبي محمد ثابت بن قيس بأن يجيبه، فقام وخطب خطبةسرّت النبي محمد والمسلمين. كما أثنى عليه النبي محمد، حيث روى أبو هريرة أن النبي محمد قال: «نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس"
مناقب الصحابي الجليل قيس بن ثابت كانت متعددة ومنها أنه لم يحمل رضي الله عنه إلا القلب ، الخاشع ، المخبت ، كما عُرِفَ عنه الخشية والخوف من كل ما يُغضب الله عزَّ وجل ، وإذا به في يوم من الأيام يقول للحبيب صلَّي الله عليه وسلم عن خشيته بأنه قد هلك ، كان يرى أنه يحب أشياء قد نهى الله عن حبها ، ومثال على ذلك حب أن يُحمد بما لا يفعل ، وحب الخُيلاء فطمأنه النبي صلَّي الله عليه وسلم ، وبشره البشرى العظيمة بالشهادة والجنة
الصحابي الجليل لم يخف يوما أن كان يبحث عن الشهادة في مظانها ..ففي كل غزوة يغزوها يقول في نفسه : لعلي أنال الشهادة هنا .. وظل هكذا متلهف شوقًا لهذا اليوم الذي يلقى فيه الله عزَّوجل شهيدًا في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله .
أمل الصحابي الجليل في الشهادة تحقق عندما جاءت حرب الردة التي كان فيها حاملًا للواء الأنصار ، وكانت الدولة الإسلامية فيها ضد مسيلمة الكذاب في عهد الصديق رضي الله عنه ، والتي وصل فيها الأمر أن اقتحموا فسطاط خالد بن الوليد ، وهمّوا بقتل زوجته أم تميم .
ثابت بن قيس رضي الله عنه ما أن شعر بذلك ذلك حتى حنَّط وكفَّن نفسه ، وبدأ يشحن المسلمين للقتال مرة أخرى بعد فتور العزيمة ، والتي نتجت عن الضعف والوهن الذي دب بين صفوف المسلمين ، فرجع المسلمون للقتال يقاتلون ويُقتلون حتى أراد الله أن يستشهد الصحابي الجليل في هذه الحرب .ولعل أبرز مناقب الصحابي الجليل وأكبر دليل علي المكانة العالية التي حظي بها أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد بشره بأنه من أهل الجنة في حياته وما أعظمها جائزة وبل وتحفف أمله في الشهادة يوم الردة يوم نصر فيه الله الحق علي الباطل وأزهقه وقتل مسليمة في معركة الحديقة التي شكلت فصل النهاية في حرب الردة