عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يؤذينا بها في مسجدنا هذا».. ويروى أيضًا أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، خطب يوم الجمعة، وبعد أن حمد الله تعالى، وأَثنى عليه، ثم قال: (يا أيها الناس، إنكم تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين، هذا الثوم، وهذا البصل، ولقد كنت أرى الرجل على عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يوجد ريحه منه، فيؤخذ بيده حتى يخرج إلى البقيع، فمن كان آكلها فليمتها طبخًا»..

إذن فإنه لا جدال على أن أكل البصل والثوم خصوصًا في يوم الجمعة لهو مكروه، والمكروه في الإسلام يعني ضرورة البعد عنه، خصوصًا إذا كان هناك حديث نبوي شريف يؤكد ذلك.. ومع ذلك ترى كثير من الناس يلجأون إلى أكل البصل والثوم في يوم الجمعة دون تردد.. فهل هذا يجوز؟.

ما الضرورة إلى البصل؟

في مثل هذه الأيام من الشتاء، يحب بعض الناس تناول البصل والثوم، ربما يقولون إن يحمي شيئًا ما من البرد، وأمراض الشتاء المعروفة، لكن ماذا لو كان هناك حديث مباشر وصريح، و(صحيح) ينادي بعدم اللجوء إليهما، خصوصًا في صلاة الجمعة، لأن الإنسان المسلم، لابد له أن يكون ذو رائحة طيبة، وخصوصًا في المسجد، فلا يؤذي أحدهم برائحة فمه من البصل والثوم، فينفر الناس منه..

وما ذلك إلا لأن الإسلام دين النظافة، ثم أن ما دمنا نتبع هذا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فعلينا اليقين في أنه لا يمكن أن يكون هناك فائدة مرجوة من البصل والثوم، خصوصًا فيما يخص معالجة البرد، والنبي يمنعهما، لكن حتى لو كان لهما فوائد بشأن معالجة البرد، فإنه علينا أن نتبع سنة نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم، خصوصًا في صلاة الجمعة.

اقرأ أيضا:

ما هي العلامة التي يعرف بها العبد انه يحب الله أكثر من أي شيء؟

المواجهة بالنعناع

قد يكون هناك في زماننا هذا بعض الأمور التي تخفف من وطأة ريحة البصل أثناء الصلاة في المسجد، ومنها النعناع، فهل يجوز أكل البصل ثم إضاعة ريحته بمضغ بعض النعناع؟، الأمر بالأساس ليس نهيًا مطلقًا، بل هو سنة نبوية مؤكدة، ودعوة حرص عليها الصحابة الكرام، ومن ثم التمسك بسنة نبينا من الأمور الهامة جدًا، للتأكيد على أننا نتبعه في كل شيء مهما كان بسيطًا..

لكن إذا تيقن شخص ما (ونقول تيقن) أن النعناع بالفعل سيضيع ريحة فمه من آثار أكل البصل والثوم، فليفعل، ولكن ليس بنية عدم السير على خطى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وإنما بنية التداوي، إذا كان الطبيب أمره بتناول البصل والثوم، أما إن لم يكن الأمر بهذه الأهمية، فلا يحق لنا أن نخالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأي سبب كان.