يعيش الإنسان في الحياة وهو مثقل بالهموم .. ففي كل يوم يشغل باله بأمور تكون أو لا تكون وهو دائم التفكير في حاله وخائف من مستقبله برغم أن مسألة الرزق من المسائل المحسومة والتي قضاها الله تعالى له وأمره فقط بالسعي لاكتساب رزق حلال.
وهنا ومع هذه الهموم التي تتجدد له كل لحظة لابد له من محطات يتزود فيها بالطاعات اليسيرة التي تعينه على مواصلة الطريق حتى لا ييأس ولا تتحطم نفسيته او يعزف عن المسير .. والذكر هو اهم هذه المحطات التي تمنح المسلم طاقة إيجابية كامنة تجعله لا يعبأ ويتخفف من هموم الدنيا ومشاغلها ويتطلع لما هو فضل حيث الجنة وما أعد الله له فيها من منازل ودرجات للذاكرين الملازمين للطاعة. كيف نذكر الله؟
ذكر الله لا يمكن أبدا أن يكون مسكنات كما يظن البعض بل طاقة يمنحها الله لم يحب إن ذكره وفق ما أمر، كما أن
الذكر لا يمكن أيضا أن يكون وسيلة للهروب من التكليفات والسعي في الأرض لكنه وسيلة مساعدة لتحمل المسئولية والتزود بالتقوى ليقوى المسلم على المسير خطوات وخطوات.
الذكر باب للفرج ... باب للفرح .. باب أمام الشهوات والشبهات وغرائز النفس الأمارة بالسوء، وهنا ينبغي أن يُعلم أن العبد كلما حاول الاقتراب من الله اعترض الشيطان طريقه ، كي ينغص عليه أمره ، ويكدر عليه عيشه ، ويصرفه عن عبادة الله تعالى وطاعته .
فعلى المسلم أن يتحلى بالصبر ، ومجاهدة النفس والشيطان ، ويكثر الدعاء والتضرع إلى الله تعالى ، حتى يثبته على دينه .
داوم على الذكر مهما كانت مشاغلك:
إن المحافظة على الصلوات ، والبعد عن المحرمات ، وذكر الله كثيرا ، والتقرب إليه بنوافل العبادات ، هو الصراط المستقيم ، والطريق القويم ، الذي يجب عليك أن تثبت عليه ، وتصبر على مشقته .
وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ) ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الِاسْتِعْجَالُ ؟ ، قَالَ : ( يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ) رواه مسلم.
فلا تقل : ذكرت الله كثيرا وصليت وقمت بالليل ولم يرق قلبي ، بل عليك أن تجتهد في الذكر والصلاة والقيام حتى تصل إلى ما تريد .
وكما قيل : من أكثر دق الباب فتح له . أما من دق الباب مرة وانصرف ....
واعلم أن ما يصيبك أحيانا من الحزن والغم والضيق والفتور ، فإنه مما يمكر به الشيطان ويكيد به المؤمنين ليحزنهم ، فإذا أدرك العبد ذلك ، وعلم أن هذا من كيد الشيطان : تيقظ وانتبه ، واستعاذ بالله منه .
لذة الذكر:
واعلم أن حلاوة الإيمان والتلذذ
بذكر الله تعالى لن يصل المؤمن إلى هذه الدرجة إلا بعد مجاهدة للنفس والشيطان ، ولذلك قال بعض السلف : " كابدت القرآن عشرين سنة ، وتنعمت به عشرين سنة " ، فذلك التنعم بذكر الله وطاعته لا يكون إلا بعد المداومة على العمل الصالح والمجاهدة مدة طويلة حتى يذوق المؤمن حلاوة الإيمان.
الذكر هو إذا المعين والمساعد وبجانب ما يترتب عليه من الثواب فإنه يجعل العبد دائم المسير دون كلل أو ملل، جاء رجل للرسول يقول: يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به قال : لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ .