بالتأكيد فترة النبوة في حياة نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، يعلمها كثير من الناس، لكن فترة طفولته، هي التي لا يعرف عنها الكثير شيئًا.. فقد قدم عليه الصلاة والسلام في عمر الزهور حينما توفى والده، وتولت والدته تربيته، وكانت تأخذه لزيارة قبر والده بين الفينة والأخرى، رغم اشتداد المرض عليها يومًا بعد يوم، إلا أنها لم تقطع هذه العادة.
ما لا يعلمه أحد أن المسافة كانت حوالي 150 كيلو متر، تقطعها الأم ووليدها كل فترة للوقوف على قبر الأب، الذي لم يشاهده الابن أبدًا.. وبعد أن يتم الـ6 سنوات، وفي طريق العودة وفي منطقة تسمى "الأبواء" تصاب والدته بمرض شديد وقبل أن تموت تحتضنه، وتأخذ تقبله وتبكي لفترة، كأنها أحست بيوم الرحيل هي الأخرى.
وفاة والدة النبي
في هذا السن المبكر من عمر الطفل الصغير، يفقد أباه ثم أمه، ويصبح بلا أي أب أو أم، وبينما تموت الأم لم يكن معه سوى امرأة تدعى "أم أيمن"، والتي تولت تكفين أمه بثيابها، ثم نادت عليه وهو مازال طفلا صغيرا، ليحفر معها قبر أمه.. استمروا في حفر القبر ساعات، ثم دفنوها، وعندما أرادوا الذهاب وقف الطفل كثيرًا يبكي فقد أمه، ودموعه تنهمر من عينيه الصغيرتين كأنه يريد أمه أن تفيق مجددًا وتعود للسير معه.. فها هو للتو كان قد زار قبر أبيه الذي لم يلتق به ولم يره في حياته .. والآن يدفن أمه.. فهل بعد هذا الحزن حزن ؟.. وهل يتحمل قلبه الصغير كل هذا الألم ؟.. لكن هذا الطفل ليس كباقي الأطفال، إنه خير الآنام، ويعده ربه ليتحمل مسئولية لا يمكن لبشر أن يتحملها، لكن الإعداد هذا أخرجه قادر على تحمل هذه المسئولية، بل وينجح فيها أيما نجاح.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاألم متواصل
الطفل محمد ابن عبدالله ابن عبدالمطلب، مر بظروف صعبة جدًا، أخرجت منه رجلا شديدًا قويًا، قادر على تحمل الصعاب، فمن فقد أباه وأمه في هذا السن، مؤكد لا يمكن لأي شيء سيكون أقسى عليه من ذلك.. فداك أبي وأمي يا رسول الله.. فكم تألمت صغيرًا وكبيرًا من أجل أن نكون من السعداء في هذه الدنيا وفي الآخرة.
إذن عزيزي المسلم، عندما تحزن وتوجعك الدنيا بقسوتها، تذكر حياة حبيبك سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وآله وسلم، فتهون عليك مصائبك وآلامك وتستكين روحك وتهدأ نفسك.. «صلوا على من قال يا رب أمتي يا رب أمتي صلى الله عليه وسلم».. قال تعالى: «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ».