يدل الأخضر في القرآن الكريم على أشياء كثيرة ويفت إلى أمور إعجازية تزيد المؤمن يقينا بان كلة كلمة أو لون في القرآن يذكر فإن لذكره سبب والبحث فيه والتوصل لنتائج تظهر عظمة القرآن الكريم.. يؤكد الدكتور محمد العجرودي الباحث في الإعجاز العلمي أن ذكر اللون الأخضر في آيات القرآن الكريم التي تصف حال أهل الجنة أو ما يحيط بهم من النعيم في جو من البهجة والاطمئنان النفسي، فنجد في سورة الرحمن قول الله عز وجل: "مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَان" (الرحمن:76) وقال تبارك وتعالى: "عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً" (الانسان:21)، وكان اللون الأخضر هو اللون المفضل عند النبي صلى الله عليه وسلم.
ويضيف أن اللون الأخضر كثيرا ما يستعمل في القرآن الكريم مرتبطا بحياة الأرض ... ففي سورة يوسف المباركة جاء استعمال اللون الأخضر للتعبير عن حياة السنابل الخضر ، قال تعالى: "يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ" ( يوسف 46).
إعجاز اللون الأخضر في النباتات:
ويبين د. العجرودي أن اللون الأخضر يرجع الذى يغلب على
النباتات على اختلافها (وخصوصاً فى أوراقها) إلى مادة كيميائية معقدة التركيب يطلق عليها علماء النبات اسم اليخضور أو الكلوروفيل (Chlorophyll)
وكان المعتقد أن الكلوروفيل عبارة عن مادة واحدة ولكن وجد بعد تقدم البحوث النباتية الدقيقة من خلال HPLC أنها تتركب من أربع مواد مختلطة بعضها ببعض وتلك هى (كلوروفيل ِA ) و(كلوروفيل B ) وكلاهما أخضر بالإضافة إلى مادتين أخريين وهما (الكاروتين) ولونها برتقالى و(الزانثوفيل) ولونها أصفر.
وهذا الكلوروفيل المركب الذى يغلب عليه اللون الأخضر معجزة حقيقية أوجدها الله سبحانه وتعالى فى
النبات إذ إنه يلعب فى تكوين
الأغذية النباتية دورًا عظيمًا؛ فالنبات يمتص الماء من التربة التي ينمو بها كما يمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوي ومن هاتين المادتين البسيطتين (الماء وثاني أكسيد الكربون) وبمساعدة الكلوروفيل والضوء يستطيع النبات إنتاج المواد الكربوهيدراتية البسيطة ومنها سكر الجلوكوز وسكر الفواكه (الفركتوز) ثم المواد شديدة التعقيد مثل النشا ويطلق فى الجو غاز الأكسجين الضروري لحياة جميع الكائنات وتنفسها..
ويطلق على تلك العملية اسم عملية التمثيل أو البناء الضوئي Photosynthesis
وبالإضافة إلى تلك المادة الخضراء (الكلوروفيل) يحتوى النبات على مواد كثيرة لها ألوان متباينة ومنها الصبغ الأصفر والأحمر والأزرق وغيرها وتشاهد مثل تلك الألوان فى كثير من الأجزاء النباتية وخصوصاً الأزهار والثمار، كما تشير الآية الكريمة : "فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها" (فاطر 27).
التجارب العلمية الحديثة:
وفي عصر العلم الذي نحياه بينت التجارب العلمية تأثير الألوان في النفس البشرية فظهر أن اللون الأصفر يبعث على الانتباه والنشاط والبرتقالي يبعث السرور والمرح والأزرق يشعر الإنسان بالبرودة والهدوء واللون الأحمر يشعر الإنسان بالدفء وكذلك يبعث على النشاط والقوة ووصل العلماء إلى أن اللون الذي يبعث السرور و البهجة و حب الحياة هو اللون الأخضر ..ولذلك أصبح اللون المفضل علميا في غرف العمليات الجراحية لثياب الأطباء.
ومن الطريف أن نذكر هنا تلك التجربة التي تمت في لندن على جسر ( بلاك فرايار) الذي يعرف بجسر الانتحار لأن اغلب حوادث الانتحار كانت تتم من فوقه حيث تم تغيير لونه الأغبر القاتم إلى اللون الأخضر الجميل مما سبب انخفاض حوادث الانتحار بشكل ملحوظ و اللون الأخضر يريح البصر ذلك لأن طول موجته وسطي فليس بالطويل كالأحمر ولا بالقصير كالأزرق.
آية من آيات الله:
ويلفت د. العجرودي أن اللون الأخضر بالفعل من بين آيات الجمال التي يوقفنا القرآن أمامها كثيراً آية الألوان ، فالألوان المختلفة والمتعددة دليل على قدرة الله وعظمته، الذي نوّعها وأبدعها فتبارك الله أحسن الخالقين، قال تعالى : "وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمين" (الروم 22).