مرحبًا بك يا ابنتي..
لم تحدثيني يا ابنتي عن أسرتك، والدك، إخوتك، والدتك، علاقتك بهم، فهذه تفصيلة مهمة لإكتمال الصورة التي حكيت عنها على أنها مشكلة.
لا أعرف شكل ولا طبيعة علاقتك بوالدك، لكنك تتكلمين عن مرحلة عمرية والدية، ففارق 20 سنة، من الممكن ألا يكون عائقًا أمام زيجة لكنه يبقى فارق كبير، فأنتما لستم من الجيل نفسه، ولا من جيل قريب، ونحن عند الزواج كقرار مصيري، وعلاقة تبني على الديمومة، والعشرة الطويلة، لا ننظر عند أقدامنا، وإنما ننظر أيضًا إلى المستقبل، القريب، والبعيد، فهذا الأربعيني الذي تنجذبين إليه الآن، سيكون ستيني بعد 20 عامًا وأنت أربعينية في قمة النضج الأنثوي والشباب، فما أنت فاعلة حينها، وما الضامن أنك لن تندمي على الارتباط به، وتفكري في آخر شاب مثلك، بدلًا من هذا الشيخ؟!
أنت تفتقدين يا ابنتي لاحتضان الأب، وسنده، وحبه، وأمانه، لذا تنجذبين – غالبًا- لهذه المرحلة العمرية، وتعتقدين هذا حبًا.
بداخلك احتياج نفسي عميق للأب، والزوج ليس أب، تلبيس الأدوار خطر، وظلم عظيم لكل الأطراف، فبعد الزواج سيبحث هو عن الزوجة والحبيبة والعشيقة وستبحثين أنت فيه عن الأب وستنتظرين منه أن أن ينظر إليك على أنك كابنته، ومن ثم يلبي لك احتياحات الابنة لا الزوجة أو كلاهما معصا وهذا محال، وغير منطقي، وغير طبيعي، بل هو تفخيخ للعلاقة الزوجية بشكلها الصحي.
ليس عيبًا يا ابنتي أن تطلبي المساعدة النفسية المتخصصة من معالجة/مرشدة، نفسية، لأنك بحاجة للتخلص من هذه المشاعر التي تتلبسك خطأ، أنت محتاجة لمن يأخذ بيديك لاصلاح العلاقة مع الأب، وطلب احتياجاتك منه، وعدم البحث عنها من خلال مصادر خاطئة، أنت بحاجة للكثير لاستعدال طريقة التفكير، ومن ثم الحصول على علاقات صحية مع نفسك، ومع أسرتك، ومع الجنس الآخر، ومع زوج المستقبل وفق اختيار واعي، ناضج.
هذا هو ما أراه لك يا ابنتي، وما أرجو أن تفكري فيه جيدًا، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.