السنة تعرف بأنها الطريقة المعبدة، والسيرة المتبعة، أو المثال المتبع، وجمعها سُنن، وذكروا أنها مأخوذة من قولهم: سنّ الماء إذا والى صبه. فشبهت العرب الطريقة المستقيمة بالماء المصبوب فإنه لتوالي جريانه على نهج واحد يكون كالشيء الواحد، وفي الأساس: سن سنة حسنة، طرّق طريقة حسنة، واستن بسنته. وفلان متسنّن، عامل بالسنة،
الإمام ابن تيمية إمام أهل السنة والجماعة عرفها بالقول : السنة هي العادة وهي الطريق التي تتكرر لنوع الناس مما يعدونه عبادة أو لا يعدونه عبادة. قال تعالى: «قد خلت سنن من قبلكم فسيروا في الأرض» وقال النبي «لتتبعن سنن من كان قبلكم» والاتباع هو الاقتفاء والاستنان. -
السنة النبويّة الشريفة هي ثاني مصدرٍ من مَصادر التّشريع في الإسلام؛ فهي (كُلّ ما وَرد عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من قولٍ، أو فعلٍ، أو تقريرٍ، أو سيرةٍ، أو صفة خَلقية أو خُلقية)، وقد نُقلت السيرة جيلاً بعد جيل بطرقٍ صَحيحة واضحة، حيث تُعتبر سيرته وسنّته -عليه الصّلاة والسّلام- من أوضح السير بين الأنبياء والرّسل عليهم السّلام؛
السنة النبوية نقلت كل ما يتعلق برسول الله صلي عليه وسلم منها الإخبار عن مولده، ونشأته، وصفاته الخَلقية والخُلُقية، وتفاصيل علاقته بأصحابه، وعلاقته اليوميّة مع زوجاته، ومَواقفه مع الآخرين، والحوادث التي حصلت أثناء فترة نبوّته بتفاصيلها، والمَعارك التي خاضها وشارك فيها قبل الإسلام وبعد البعثة، وجميع ما جاء به عن الله من أحكام وأمور شرعيّة، وتطبيقاتها العمليّة في هيئاته وأفعاله وأقواله.
وقد تضمنت السنة النبوية كذلك كل أشكال الهدي النبوي في العادات والمعاملات الدينية والدنيوية بل تضمنت سلوكيات حياتية للنبي في كل حركته وساكناته وقد حثنا الله تعالي علي اتباع سنة النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء في قوله تعالي "ما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " الحشر الأية 7بل أن الله القرآن والكريم والسنة النبوية وعدا من يتأسي بسنة النبي بالنجاح والفلاح والحصول علي الجائزة الكبري .
ومن المهم هنا التشديد علي أن المحافظة علي أداء سنة النبي صلي الله عليه وسلم أناء الليل وأطراف النهار فريضة إسلامية غائبة وأمرا يجب علي المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الالتزام به في الحركة والسكنة والقول والفعل .. فإتباع سنة النبي يجب أن يشكل أولوية في حياة المسلم من أجل أن تنتظم حياته ويفوز برضا الله وإتباع أوامر حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم.
أعلام التابعين وتابعي التابعين السلف الصالح حثوا عموم المسلمين علي أداء جميع سنن النبي ومنهم ذو النُّون المصري رحمه الله الذي حض تلاميذه ومحبيه علي إتباع الهدي النبوي في الحركة والسكنة قائلا : "من علامة المحبَّة لله – عزَّ وجلَّ - متابعة حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم في أخلاقه، وأفعاله، وأوامره، وسنَّته".مصداقا لقوله تعالي : "قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ"آل عمران:
علماء الحديث والمتخصصون في السنة النبوية اجتهدوا في الوصول لتعريف محدد للسنة النبوية المهجورة حيث أجمعوا علي إنها الأفعال والأقوال التي قالها النبي وفعلها وغفل عن فضلها المسلمون فانتشر تركها بينهم.
المتخصصون قمسوا السنن المهجورة إلي مراتب فهي ليست على منزلة واحدة فهي متفاوتة فبعضها لازم النبي فعلها أو قولها وبعضها لم يلازمه ومما لازمه الصلاة الراتبة وصلاة الوتر وترك سنة من السنن أمر غير ثابت، مختلف بحسب الزمان، والمكان، وحال الشخص ومنزلته من العلم والدين، وبيئته؛ فعليه أن يكون حكيما في قوله عن فعل أو قول بأنه سنة مهجورة.
ارتفاع مقام سنة النبي صلي الله عليه وسلم وعلو هامتها لا يخفي أن هناك العديد بل المئات من السنن النبوية قد تم نسيانها أو تجاهل الالتزام بها رغم ما يحقق العمل بها من فوائد دينية ودنيوية.
ومن السنن النبوية التي حرص عليها النبي صلي الله وسلم واتبعه فيها كبار الصحابة والتابعي وتابعي التابعين رضوان الله عليهم جميعا وهجرها المسلمون تتمثل في سنة الإصلاح بين الناس باعتبار من السلوكيات التي حث الرسول علي القيام بها كما جاء في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ) رواه الترمذي وقال: هذا حديث صحيح، وفي رواية عنده أيضا: أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: (.. هِيَ الْحَالِقَةُ، لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ).
(الإصلاح بين الناس سُنّة جليلة حثّنا عليها النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم، وعبادة عظيمة يحبها الله سبحانه وتعالى، فالمُصلح هو ذلك الذي يبذل جهده وماله وجاهه ليصلح بين المتخاصمين، ولا يخفى أنّ الخلاف أمر طبيعيٌّ بين البشر، لا يسلم منه أحد، فخيار البشر حصل بينهم الخلاف، فكيف بغيرهم!!
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟والمتتبع للأحداث اليومية للأسرة المختلفة يري أن كم من بيتٍ كاد أن يتعرض للخراب بسبب خلاف سهل بين الزّوج وزوجه، وكاد الطّلاق أن يحدث، فإذا بهذا المُصلح بكلمة طيبة، ونصيحة غالية، ومال مبذول، يعيد المياه إلى مجاريها، ويصلح بينهما ليستمر البيت قائمًا وهو ما يتكرر بين الأشقاء والأصدقاء .
ولعل من أهم مناقب السنة النبوية المهجورة المتمثلة في الإصلاح بين الناس أن الله عصم الله بالمصلحين من دماء وأموال، وفتن شيطانية كادت أن تشتعل، لولا فضل الله عزّ وجلّ ثم سعي المُصلحين ومهما قلنا من كلمات لإبراز قيمة هذا العمل في ميزان الله عز وجل فإنّنا لن نقدر، فقد رفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق درجة صيام النّافلة، وصلاة النّافلة، وصدقة النّافلة
ومن هنا علينا إذا أتانا المُصلح الذي يريد الإصلاح مع من نتخاصم معه أو مع من نزغ الشّيطان بيننا وبينه، أن نفتح له أبوابنا وقلوبنا، وأن ندعو له ونشكره على سعيه في الإصلاح ورأب الصّدع، وإذا طلب منا طلباً أو طلب منا أن نتنازل عن شيء، فعلينا أن نُقبل إلى ذلك، ونقرّب المسافات، حتى تسهل مهمته، ليرضى ربّنا عنّا.
ومن نافلة القول كلك الإشارة إلي أن الإصلاح فيما بين النّاس يعد بمثابة الحافظ لديننا ودنيانا انطلاقا من أن الإفساد هو الذاهب بالدين، بكل يفر علينا الاجتهاد في الإصلاح بين الناس ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، لك لقطع الطريق علي للشيطان الذي يجد لته الكبري في الإفساد بين الناس وتقطيع الإرحام