ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية حول أن بعض الناس تتحدث عما يكون بينها وبين زوجها في العلاقة الحميمية. فهل هذا يجوز شرعًا؟
وأجابت الدار بأن "إفشاء ما يقع بين الرجل وزوجته حال الجماع أو ما يتصل بذلك من أمور شخصية تتعلق بهما حرام شرعًا، ولذا فعلى كل واحد من الزوجين أن يحافظ على أسرار بيته ولا يبديها، لا سيما إذا ترتب على هذا الإبداء والإفشاء ضرر على الزوجين، وقد ورد عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".
وأضافت: "وعلى الزوجين أن يتفهما ذلك، وأن يوضح كل من الزوجين الصورة للآخر بالحسنى والكلم الطيب، وأن يستعينا في هذا التفهم بالصبر والصلاة والدعاء في الصلوات والخلوات؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153]".
واستشهدت في تحريم إفشاء العلاقة الحميمة بما رواه أبو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» أخرجه مسلم في "صحيحه".
قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (10/ 8): [فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ إِفْشَاءِ الرَّجُلِ مَا يَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مِنْ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنَ الْمَرْأَةِ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَنَحْوِهِ] اهـ.
وعن أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: «لَعَلَّ رَجُلًا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا» فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: «فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ» أخرجه أحمد في "مسنده".
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «الشِّيَاعُ حَرَامٌ». قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: يَعْنِي: الَّذِي يَفْتَخِرُ بِالْجِمَاعِ. أخرجه أحمد في "مسنده".
وقد عدَّ شيخُ الإسلام ابن حجر الهيتمي والإمامُ ابن القيم والشيخُ ابن علَّان وغيرهم ذلك التصرف من الكبائر؛ قال شيخ الإسلام الهيتمي في "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 45): [الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: إفْشَاءُ الرَّجُلِ سِرَّ زَوْجَتِهِ وَهِيَ سِرَّهُ بِأَنْ تَذْكُرَ مَا يَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ تَفَاصِيلِ الْجِمَاعِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَخْفَى] اهـ.
وخلصت دار الإفتاء إلى أن "الواجب على المسلم والمسلمة أن يستترا بستر الله تعالى في هذه الأمور، فهذا مما يجب أن يُطوَى ولا يُحكَى، وفي إذاعته وإشاعته فساد عظيم، فليتقِ الزوجان ربهما، وليحذرا الوقوع في هذه الكبيرة".
اقرأ أيضا:
هل يجوز الاشتراك في الأضحية وكم عدد المسلمين الذين يشتركون فيها؟