من عظيم فضل الله تعالى على عباده أن يسر لهم سبل الطاعة وفتح لهم باب الحسنات على مصراعيه لمن أراد أن يتزود وبهذا فتح باب التنافس في الخير وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
الله تعالى جعل الجنة درجات يتفضل الناس فيها بأعمالهم وخير عبادة ذكر الله وخير الذكر قراءة القرآن، عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِي رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ ... رواه مسلم ففي هذا الحديث دليل على فضل تلاوة القرآن ، وعظيم ثوابه وأنه شفيع لأصحابه يوم القيامة في دخول الجنة ..
فضل سورتي البقرة وآل عمران:
وردفي اسنة النبيوية المطهرة فضل لسورتي البقرة وآل عمران وأنهما يمثلان مظلتين للعباد يوم القيامة، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالٍ مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَالَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا . رواه مسلم .
القرآن يشفع لمن يقرأه:
ومن فضائل من يحافظ على القرآن تلاوة وحفظا وتدبرا وعملا أن يجعله الله تعالى شفيعا له في قبره فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ قَالَ فَيُشَفَّعَانِ رواه أحمد.
القرآن خير الذكر:
وعلى المؤمن أن ينتهز الفرص في هذه الدنيا ولا ينشغل عن ذكر الله ويحافظ على تلاوة القرآن فهو خير ونيس وخير أنيس لا سيم في الأوقات الفاضلة مثل وقت السحر وليالي رمضان والأشهر الحرم فقراءة القرآن في ليالي رمضان لها مزية ، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل وتجتمع الهمم ويتواطأ القلب واللسان على التدبر ، وقد ثبت أن جبريل صلى الله عليه وسلم كان يَلقى النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن ، ولو كان الذكر أفضل من القرآن أو مساوياً له لفعلاه دائماً أو في بعض الأوقات مع تكرار اجتماعها ، وقد أفادنا هذا الحديث استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك وعرض القرآن على من هو أحفظ له .
وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يُكثرون من تلاوة القرآن في رمضان ، وكانوا إذا صاموا جلسوا في المساجد ، وقالوا نحفظ صومنا ولا نغتاب أحدا كانوا يقرأون القرآن في الصلاة وغيرها ، كان عثمان رضي الله عنه يختم القرآن كل يوم مرة كان بعض السلف يختمه في قيام رمضان في كل ثلاث ليال وبعضهم في كل سبع وغير ذلك من باب التنافس في الخير .
آداب تلاوة القرآن:
إن من يقرأ القرآن ينبغي ألا يشغل شاغل وأن يفرغ قلبه للذكر والتلاوة ويحافظ على وضوئه وأن يقرأ بتدبر ولا يهذه هذاً ، بل يرتل القراءة ، ويحرك بها القلب ، فإن هذا أعون للقارئ على تقويم حروفه وألفاظه وتدبر معانيه ، وأدعى للخشوع ، قال تعالى : كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب
ومن آداب التلاوة ألا يقطع القراءة لمحادثة أحد ، فإن كثيراً من الناس إذا جلس يقرأ وبجانبه إنسان ، أكثر قطع القراءة ومحادثة جاره وهذا لا ينبغي لأنه إعراض عن القراءة بلا داع .
وعلى القارئ أن يكون عاملاً بالقرآن يحل حلاله ويحرم حرامه ، ليكون القرآن حجة له يوم القيامة ، يشفع له في دخول جنات النعيم وهو وعد الله ولا يخلف الله وعده.