من أخطر العادات الزوجية التي تؤثر على أطفالنا بشكل سلبي هو الجدال بين الزوجين.
تقول "بيث براودفوت"، أخصائية الأطفال ومدربة الأبوة والأمومة في سان خوسيه، كاليفورنيا، والتي لديها أكثر من 35 عامًا من الخبرة في تقديم المشورة للأطفال والعائلات: "نحن جميعًا على حافة الهاوية"، إنها تشير إلى حقيقة أن الآباء في جميع أنحاء العالم باتوا يتجادلون أكثر، ليس ذلك فحسب، بل ارتفعت معدلات الطلاق بنسبة 34 في المائة العام الماضي.
وتتسع دائرة الجدل أكثر، إذ أظهرت دراسة أجرتها جامعة ميشيجان في مايو 2020 أن المتزوجين يتشاجرون بالفعل أكثر؛ بشأن الأمور المالية وغيرها من القضايا المنزلية أثناء الوباء بسبب الصعوبات الاقتصادية.
لكن ماذا يحدث عندما يَشهد الأطفال الجدال؟ هل من المقبول الشِّجار أمامهم؟
تقول براودفوت: "إن الحقيقة هي أنه من الصعب تجنّب الجدل وعدم القيام بذلك"، وتُواصل: "إحدى المشكلات العميقة التي ظهرت خلال هذا الوباء هي الافتقار إلى الخصوصية للأزواج"، "الأطفال موجودون دائما وعلى مدار الساعة في المنزل، هذا ليس شيئًا سيئًا دائمًا بالطبع"، وتشير إلى أن هناك أشياء يُجادل الأزواج بشأنها وهي غير قابلة للحل - وتُعرَف أيضًا باسم الأشياء التي ربما تحتاج إلى قبولها بشأن الشخص الآخر - مثل النّسب والآراء السياسية ربّما.
لكن بالنسبة لذلك الجزء من المشكلات التي يوجد حل لها، والتي يُعدّ الجدال فيها مقبولا، فإن مناقشتها أمام أطفالك يمكن أن يكون درسًا رائعًا في كيفية حل الكبار للمشكلات معًا.
"الجدال هو شكل من أشكال التواصل، الخلاف والحاجة إلى العثور على حلّ هو أمر طبيعي وجزء من الحياة الأسرية"، كما تقول "بيني مانسفيلد"، خبيرة العلاقات ومديرة مؤسسة One Plus One الخيرية الرائدة في أبحاث العلاقات والابتكار في المملكة المتحدة.
تشير مانسفيلد إلى أن الخطأ الذي يرتكبه الكثير من الآباء هو بدء جدال أمام الأطفال، ولكن لا ينهيانه أمامهم، معتقدين أنه من الأفضل "تركه كما هو" أو نقله إلى غرفة أخرى ، وتضيف أن الحقيقة هي أن الأطفال يستفيدون من رؤية الحل، خاصة وأنهم قد يستمرون في القلق بشأن المشكلة بخلاف ذلك، لكن المفتاح هو معرفة كيفية الجدال أمام أطفالك.
اظهار أخبار متعلقة
كيف تجادل بشكل أفضل؟
تعلّم كيفية تقبل الخلافات كجزء من الحياة الأسرية والتركيز على الحفاظ على صحتها، هذا الأخير هو نقطة أساسية، حيث تُظهِر الأبحاث أن الخلاف الأبوي المتكرر والساخن والعدائي يمكن أن يؤثر على صحة الطفل العقلية ويؤدي إلى مشاكل في العلاقة ومشاكل سلوكية وزيادة العدوانية.
فيما يلي بعض الطرق التي يوصي بها الخبراء لتسوية الخلافات، خاصةً عند وجود الأطفال:
• ركز على تنفُّسك، تقول مانسفيلد: "حافظ على هدوئك"، "اعمل على ضبط تنفسك"، سيساعدك هذا على ألا تفقد أعصابك، مما يتيح لك التحكم بشكل أكبر في عواطفك وردود فعلك.
• استمع إلى شريكك، قد تشعر أن شريكك يتحمل المسؤولية الكاملة، لكنك لن تحصل على حل بهذه الطريقة، يقول الخبراء أنه من المهم أن تمنح شريكك الفرصة لمشاركة أفكاره في بيئة خالية من الأحكام قبل الرد.
• حافظ على المسار الصحيح للنقاش، لا تبدأ في الحديث عن قضية وينتهي بك الأمر بالتركيز على قضية أخرى، كما تنصح مانسفيلد، استمر في التركيز على المشكلة المطروحة.
• اختر الكلمات الصحيحة، استخدم عبارات مثل "أعتقد" و "أنا أشعر"، يقول الخبراء أن هذا سيساعد شريكك على فهم أفكارك، كما أن الخطاب سيكون أقلَّ تهديدًا، ويُظهر المرونة، ويسمح بالمشاركة بدلاً من جعل الشخص الآخر يشعر بأنك تشنّ هجوما.
• اختر الوقت المناسب، ربما كنت ترغب في التحدث عن شيء ما ولكن شريكك أنهى للتو مكالمة عمل، قد تضطر إلى القول: "أردت التحدث عن شيء ما، لكن الوقت غير مناسب الآن"، ابحث عن لحظة يكون فيها كلاكما قادرًا على التحدث عن المشكلة برأس خالٍ من الانشغالات.
• لا تستخدم طرقًا هدّامة، وتشمل: العدوان اللفظي والجسدي، والمعاملة الصامتة، أو المشاجرات الشديدة، التي يمكن أن تكون مزعجة وحتى ضارة للأطفال.
• فكر في الأطفال، هناك أوقات قد يرغب فيها طفلك في المشاركة في النقاش، أو حتى لعب دور الحَكَم، أو إخبار أحد الوالدين بأنه غاضب من الآخر، أو يطلب من كليهما التوقف، في مثل هذه المواقف، من المهم أن تحاول التوقف فورًا.
تقول براودفوت: "يمكنك أن تنسحب إلى مكان ما بهدوء مع تحديد موعد للتحدث عن المشكلة لاحقًا، عندما يكون لديكما الوقت للتهدئة والتفكير في الحلول"، وتضيف "اعتذر للأطفال وذكّرهم بأن المشاركة في خلافات والديهم ليست وظيفتهم وأن كلاكما سيكتشف الإجابة عندما تكونا هادئين" ذكّرهم بالمحبة التي تكنانها لبعضكما البعض وأن لا أحد يمكن أن يعثر على الحل عندما تكونان في فورة غضب، وأيضًا، امنح أطفالك الفرصة للتعبير لك عن شعورهم تجاه الجدال الذي حدث.
ستحدُث الخلافات بين الآباء بغض النظر عن أي شيء - خاصة أثناء الأوقات العصيبة - ولا بد أن يشهد الأطفال جدالًا أو اثنين (أو أكثر)، لكن يُمكن للوالدين أن يجادلا بطريقة صحية من خلال إظهار أنه يمكن التعبير عن مشاعر مختلفة ويمكن حل المشكلات دون إغلاق الأبواب أو التشهير أو الإساءة لبعضها البعض .