التقوى هي سفينة النجاة يوم القيامة وهي التزام طاعة الله وطاعة رسوله، وهي سلوك طريق النبي محمد واتباع سنته وتتحقق هذه التقوي بالتزام ما فرض الله واجتناب ما حرم الله سبحانه وتعالى،
والتقوي في تعريف أخر هي أداء الواجبات والفرائض واجتناب المحرمات، فمن التزم بها كان من أحباب الله وأحباب رسوله صلي الله عليه وسلم كما جاء في قوله تعالي -القرآن: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وقال صلي الله عليه وسلم "إن أولى الناس يلتقون بي يوم القيامة هم المتقون من كانوا وحيث كانوا".
التقوي كما عرفها الإمام علي بن أبي طالب رضي الله هي "التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والإستعداد ليوم الرحيل" بل أنه رضي الله تحدث عن فوائد التقوى وأوصي بها بالقول :أُوصيكُم ـ عبادَ الله ـ بتقوى الله؛ فإنّ تقوى اللهِ مَنْجاةٌ مِن كلِّ هَلَكة، وعِصمةٌ مِن كلِّ ضَلالة. وبتقوى الله فاز الفائزون، وظَفَر الراغبون، ونجا الهاربون، وأدرك الطالبون، وبتركِها خَسِرَ المُبْطِلون، "إنّ اللهَ مَعَ الَّذينَ آتَّقَوا والَّذين هُم مُحسِنون"
بل إن الله سبحانه وتعالى يكرم عباده المتقين عند الحشر وفي مواقف القيامة، فهم لا يخافون عندما يخاف الناس ولا يحزنون عندما يحزن الناس فهم يحشرون وهم لابسون راكبون طاعمون يأتيهم رزقهم من خالقهم ومالكهم، كما جاء في قوله تعالي : "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا" ويقول تعالى: "ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة".
بل أن التقوي هي سلاح المؤمن للنجاة من الشدائد، وزوال الشبهات، ويجعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، وييسر له الرزق من حيث لا يحتسب، يقول سبحانهتعالي : "ومن يتق الله يجعل له مخرجاويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا".
وقد بيَّن الله تعالى أن القصد من كل ما شرعه سواء في العقيدة أو الشريعة أن تصبح التقوى صفة لازمة للمسلم, ففي ستة مواضع من القرآن يعقب الله تعالى على التشريع بقوله: "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" ، وفي ستة مواضع أخرى بلفظ: "لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ"
ولكننا وبحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إذ ما تدبرنا الآيات المحكمات في كتاب الله تعالى, نجد أن التقوى هي هدف وغاية أحكام الإسلام، وقد جاء الأمر النبوي بعموم التقوى في الزمان والمكان والحال فقال: "اتق الله حيثما كنت, وأتبع السيئة الحسنة تمحها, وخالق الناس بخلق حسن" فإذا تحقق المرء بالتقوى في شئونه كلها نال ثمرتها العظيمة التي تضمن له السعادة في الدنيا والنجاة والفوز في الآخرة.
من الثابت أن التقوي إذا تحولت إلي جزء أصيل من حياة المؤمن تجلب له العديد من الفوائد منها تحقق محبة الله تعالى, قال تعالى: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ" وكذلك نزول رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة, قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ" ، وقال: "وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ" .
ثالث فوائد التقوي تأتي في سياق الدخول في معية الله ونصره, قال سبحانه: "إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ" ، وقال: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ المُتَّقِينَ" فضلا عن حصول الأمن من الخوف والحزن, قال تعالى: "فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ، وقال: "وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" .
أما خامس فوائد التقوي فتتمثل في حصول نور وبصيرة في القلب يميز بها الإنسان بين الخير والشر والحق والباطل, قال سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا" وقال تعالي أيضا : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" .
حصول السعة والبركة في الرزقيعد كذلك من فوائد التقوي كما قال تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" ، وقال: "وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ" بالإضافة إلي تفريج الهموم والكروب, قال عز وجل: "وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا".
في نفس السياق يعد رد كيد الأعداء والنجاة من شرهممن أهم فوائد التقوي مصداقا لقوله تعالى: "وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" .
بل أن حسن العاقبة والخاتمة في الدنيا والآخرةحاضر كذلك ضمن فوائد التقوي كما قال تعالى: "وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" , وقالسبحانه وتعالي : "مَثَلُ الجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الكَافِرِينَ النَّارُ" .
اقرأ أيضا:
أكثر ما يأكل الحسنات ويطرح بصاحبها في النار.. احترس من أكثر أمراض القلوبولعل من أهم فوائد التقوي أنها تعالي تعد سببا في قبول العمل مصداقا لما قاله الله تعالي في كتابه العزيز : "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ" ، وقال: "لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ" وهي فوائديجب أن تدفع المسلم لأن تصبح التقوي جزءا من شخصية المؤمن وسبيلا لدخول الجنة ودرعا واقيا من النار .