مرحبًا بك يا عزيزتي..
لاشك أن الطلاق خبرة صعبة، مهما كانت الحياة مؤلمة قبله والعشرة مستحيلة والقرار بالانفصال صائب تمامًا، وحقك تمامًا!
نعم، هو من الناحية النفسية صعب، لكنه ليس نهاية العالم، صعوبة طبيعية، يمكنك اجتيازها والتمتع بصحة نفسية جيدة، وحياة أفضل مما كنت عليه قبله وأثناءه.
الوقت جزء من العلاج، وخلال هذا الوقت حديثك الايجابي لنفسك جزء من العلاج، طريقة تفكيرك جزء من العلاج، قبولك للألم الحاصل هو أيضًا جزء من العلاج.
الطلاق من التغييرات الكبرى في الحياة، كالانتقال إلى مسكن جديد، أو السفر لبلد مختلف للإقامة، أو حدوث لاقدر الله إعاقة أو عجز بدني، أو ترك العمل، أو تغيير العمل والانتقال إلى مهنة جديدة، أو زواج الأبناء جميعهم والبقاء بدونهم، هذه كلها تصنف على أنها من التغييرات الـ"كبيرة" في نمط الحياة، والتي تستدعي وتستتبع اجراءات ملازمة حتى يمكن التأقلم وتجاوز الصعوبات الخاصة بها.
بعد الطلاق، سواء كان الشخص رجلًا أم إمرأة ، فإنه بالفعل يتخلص من "ألم" علاقة مؤذية، ولكنه يبدأ في التعامل مع حياة مختلفة، بعد تعود على حياة فيها شريك ولو كان لا يطاق، أو مؤذيًا، إلخ، فمع تغير الحالة الاجتماعية تتغير ارتباطات الشخص وطريقة حياته كلها، وهذا لا يمر هكذا بدون "ألم" والحل هو قبول هذا الألم، إذ يؤدي رفضه، أو إنكاره، أو مقاومته إلى تمكنه، ومن ثم يحدث الغرق في المعاناة، ومن ثم يعاني الشخص من حياة لا تطاق بعد الطلاق، يغزوها الاكتئاب والوحدة والانعزال، ويكسوها الضياع، معتقدًا أن الطلاق هو السبب، بينما السبب الحقيقي هو تلقيه للخطوة، وتعامله غير الصحي مع القرار الصائب، فيحوله بنفسه من نعمة من الله بها على عباده، لينجيهم من عشرة مؤذية ومستحيلة، إلى نقمة!
الحل يا عزيزتي هو أن تمدي يد العون لنفسك، بنضج ووعي، ةإدراك أن اختيار الطلاق أقل ألمًا من البقاء في عشرة مستحيلة، وبناء عليه لابد من تبين طبيعة المرحلة، وأن بها "ألم" لكنه محتمل، وقبوله سيعين على تجاوزه، والبحث عن طرق تفريغ هذا الألم، كالتواصل مع متخصص نفسي، صديق ثقة، منصت، عطوف، البحث عن هواياتك وتفريغ الألم من الرسم والكتابة، ولا تحدثي نفسك منكرة عليها الشعور بالألم مع أنها سعت للطلاق كما كتبت، فهذا يضرك ويخل باحترامك لمشاعرك، فلا تنكري ألمك ولا تحتقريه، ولا تكتميه، أو تدفينيه، وكذلك لا تستلمي للغرق فيه، عبورك هذه المرحلة بحسن تعاملك مع الألم، صمام أمانك النفسي لما بعد ذلك من مراحل، فانتبهي.
من أسف يا عزيزتي أن البعض خاصة النساء يربطن بين "الطلاق"، و"المعاناة"، فهما مترادفان، والحقيقة أن الشخص يملك أن يحول الطلاق بالفعل إلى معاناة ويصبغ حياته بها، أو لا يفعل.
فالطلاق قرار يخص مرحلة، وعلاقة، وحالة، وجزء من الحياة، وليس كل الحياة، ولا كل العلاقات، ولهذا لابد أن تنتبهي، فإدراك هذا ووعيك به سيأخذ بيديك إلى رحابة الحياة وسعتها لا ظلمتها وضيقها.
الطلاق ليس قرارًا بإنهاء الحياة، ولا الموت النفسي، بل على العكس هو قرار للخلاص من الموات النفسي إلى الحياة، وشرعه الله لنجاة الأنفس، فتذكري هذا جيدًا، وراجعي أسبابك التي ذكرت أنها أدت لاستحالة العشرة، لتشعري بالنعمة التي أنت فيها الآن، والامتنان لها.
بالطلاق لابد وحتمًا من إغلاق صفحة الشريك السابق، تمامًا، ولأنه يعتبر من الجروح النفسية، فلا بأس من الاستعانة بمتخصص لإغلاق الجرح على "نظافة"!
وحتى يحدث هذا الإغلاق الجيد، امتنعي تمامًا عن متابعته على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من مصادر توصل إليك أخباره، إنسيه كما ينسى الرجال!
أخرجي قائمة المؤجلات، الممنوعات السابقة بسبب طبيعة حياتك معه، اكشفي الغطاء الثقيل عن مواهبك، هواياتك، علاقاتك، معارفك، وفعّلي كل المساحات المفيدة والمفرحة لك، وأغشي مواطن جديدة، وتعاملي مع أشخاص جدد، تحركي، سافري، باختصار، جددي كل مناحي حياتي، جددي حياتك ونفسك.
يا سيدتي، الحزن قرار، والعزلة قرار، فانتبهي لقراراتك واختاري القرارات التي تستحقينها، فأنت تستحقين الفرح، والحب، والاحترام، والتقدير، والحياة، فاختاري القرارات التي تحييك، وساعدي نفسك في رحلة التغيير هذه، فالله يساعد ويعين من يساعدون أنفسهم، ويكرمونها، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟اقرأ أيضا:
صديقتي تريد الانتحار وأهلها رافضون ذهابها إلى طبيب نفسي .. كيف أنقذها؟