من أسماء الله الحسنى ( العفو - الغفور ).. لكن على مستوياتنا كبشر، متى تستطيع أن تفرق بين أن تسامح وتغفر، وبين أن تهدر حقك بهذه المسامحة.. وهنا يبرز السؤال: هل لو عفوت عن أحدهم، أكون قد أضعت حقي في الدنيا والآخرة ؟!.. وما هو الفرق بين العفو - الصفح - المغفرة ؟
المغفرة : (ستر ) الذنب والمسامحة عليه .. وهذا لا يتعارض مع أن الذي أخطأ يحصل على جزاءه .. مثال: حينما يخبر أب ما ابنه على خطأ ما وقع .. ثم يقول له: (أنا مسامحك لكن بردوا هتتمنع من حاجة معينة.. ولو اتكرر الغلط تاني فالغلط إللي فات هيسترجعه متمسحش )..
العفو: هو (محو) الذنب و التجاوز عنه وترك العقاب عليه أو اللوم و هو أبلغ من المغفرة
الصفح : ما بين المغفرة والعفو .. هو غفران بدون لوم أو توبيخ ..
الثلاثة مع إختلاف تعاريفهم مشتركين في أمر ما .. أنه لابد أن يكون هناك ( ثمن ) يُبذل !.
ما هو الثمن؟
الثمن هو : التوبة - الاستغفار - الإعتذار - الإعتراف - الندم .. هذا الثمن مع الله عز وجل يكون مختلفًا تمامًا .. فالله عز وجل يعفو أو يغفر .. أياً كان .. لها حِسابات ربانية في تعامله بعظمته مع العباد ونواياهم وأفعالهم .. وكرم الله عز وجل ليس له حِساب بالتاكيد..
لكن فرضاً الثمن لم يُبذل !.. لا ندم ولا اعتراف ولا اعتذار ولا استغفار ولا توبة .. وهذا هو الفرق بين معصية الإنسان ومعصية الشيطان .. الإنسان خلق لكي يذنب ويتوب ويرجع .. أما الشيطان فلا يعود .. وةأنت لو لم تعود عن ذنبك إذن فأنت تسير على نهج الشيطان .. وهنا لله عز وجل حساباته !
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاءلكن الذي يعنينا ، هو التعامل مع البشر .. مع الآخر الذي لم يبذل الثمن عن فعله .. لا ندم ولا اعتراف ولا اعتذار وربما العكس أيضًا .. كِبر وتمسك بالخطأ وتجاهل !.. هل حينها مطلوب أن أعفو وأغفر وأصفح، أم أنا في هذه الحالة أكون متهاونًا في حقوقي ؟!
قانون العفو يقول إنه يجب وجود البذل .. ومع ذلك فهي مقدرة .. يعني ممكن شخص ما يبذل ويعترف ويعتذر .. وأنت غير قادر أن تعفو أو تغفر !.. هذه قُدرات .. لكنها ليست من سمات القلب السليم .. لكن في حالة أن هذا الآخر من الأساس لم يبذل أي شئ .. أو بذله لا يتوافق مع الحدث .. فهنا الأمر له حسابات أخرى ..ومستويات وقدرات مختلفة.
المطلوب بالسماح
عزيزي المسلم، ليس مطلوبًا منك تسامح إنسان لم يطلب منك من الأساس أن تسامحه ولا حتى اعترف بخطأه .. إلا في حالة واحدة !.. وهي لو كانت صلتك مع الله عز وجل قوية جدًا، وفي مستوى مختلف لدرجة أنك لا ترى البشر من الأساس.. أنت لا ترى سوى الله عز وجل.. وهنا مكانة السعي لأعلى درجات القلب السليم .. تأكيدًا لقوله تعالى: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ).. وحينها لن تشعر بأي ضرر من الأساس.
أما ما يقال عن (العفو عند المقدرة )، فإياك أن تحمل نفسك فوق طاقتها، وتجبرها على حالة لا يمكن قبولها، أو تتنازل عن حقوقك بحجة أنك ستعفو وتغفر، والحقيقة أنك تجبر نفسك على تقبل الوضع القائم.. لكن أيضًا كن صادقًا مع نفسك، إن عفوت فاعفوا لوجه الله، ولا تتراجع، تأكيدًا لقوله تعالى: ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ).. لأنك هنا بعفوك و صفحك لم يضع حقك وإنما تأخر ليوم الحساب، كما قال عز وجل: ( حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ )، وكما قال أيضًا: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ) !.. إذن اعفوا واصفح ودع الأمر لله، وأنت موقن أن حقك سيأتي يومًا ما.
اقرأ أيضا:
دعوا الله بدون تكلف.. لن تتخيل جوائز السماء