السماوات والأرض قامتا بالعدل، والعدل ميزان الحكم، وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار برىء الله منه ولزمه الشيطان".
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم القضاة جسور للناس يمرون على ظهورهم يوم القيامة.
الخوف من القضاء:
وحكي أن أحد الصالحين رادوه على القضاء بالبصرة، واجتمع الناس إليه فكان لا يجيبهم فلما ألحوا عليه دخل بيته ونام على ظهره وألقى ملاءة على وجهه وقال: اللهم إن كنت تعلم أني لهذا الأمر كاره فاقبضني إليك، فقبض.
وقال حفص بن غياث لرجل كان يسأله عن مسائل القضاء: لعلك تريد أن تكون قاضيا، لأن يدخل الرجل أصبعه في عينيه فيقلعهما ويرمي بهما خير له من أن يكون قاضيا.
عجائب القضاء:
1-قدم خادم من وجوه خدم المعتضد بالله إلى أبي يوسف بن يعقوب في حكم فارتفع الخادم على خصمه في المجلس فزجره الحاجب عن ذلك فلم يقبل.
فقال أبو يوسف: قم، أتؤمر أن تقف بمساواة خصمك في المجلس فتمتنع، يا غلام ائتني بتاجر النخاسة- العبيد- فإنه إن قدم علي الساعة أمرته ببيع هذا العبد وحمل ثمنه إلى أمير المؤمنين، ثم إن الحاجب أخذ بيده حتى أوقفه بمساواة خصمه.
اقرأ أيضا:
كل قصص العزل انتهت بهذه النتيجة.. تعرف عليهافلما انقضى الحكم رجع الخادم إلى المعتضد وبكى بين يديه وأخبره بالقصة، فقال له: لو باعك لأجزت بيعه ولم أردك إلى ملكي، فليست منزلتك عندي تزن رتبة المساواة بين الخصمين في الحكم فإن ذلك عمود السلطان وقوام الأديان.
2- وادعى رجل على الإمام عليّ عند عمر رضي الله عنهما وعليّ جالس، فالتفت عمر إليه وقال: يا أبا الحسن قم فاجلس مع خصمك، فتناظرا، وانصرف الرجل، ورجع علي إلى مجلسه، فتبين لعمر التغير في وجه عليّ، فقال يا أبا الحسن ما لي أراك متغيرا، أكرهت ما كان؟ قال: نعم. قال: وما ذاك؟
قال: كنيتني بحضرة خصمي، هلا قلت: يا علي قم، فاجلس مع خصمك، فأخذ عمر برأس علي رضي الله عنهما، فقبله بين عينيه، ثم قال بأبي أنتم بكم هدانا الله وبكم أخرجنا من الظلمات إلى النور.
3- وعن أبي حنيفة رضي الله عنه قال: القاضي كالغريق في البحر الأخضر إلى متى يسبح وإن كان سابحا.
وقد أراد عمر بن هبيرة أن يولي أبا حنيفة القضاء، فأبى، فحلف ليضربنه بالسياط، وليسجننه، فضربه حتى انتفخ وجه أبي حنيفة ورأسه من الضرب.
فقال: الضرب بالسياط في الدنيا أهون علي من الضرب بمقامع الحديد في الآخرة.
اقرأ أيضا:
عشرون عملاَ عظيمًا هؤلاء أصحابها في التاريخ