الحب في الله.. هذا الفضل العظيم الذي جمع بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي للأسف بتنا نفتقده الآن، ونسينا أن الحب في الله هو الطريق إلى الجنة لا ريب في ذلك، فعن سيدنا أنس رضي الله عنه، أن رجلا أتى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقال له: « متى الساعة؟ قال: ما أعددتَ لها؟، قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، فقال: أنت مع من أحببت ».. انظر لإجابة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، هو مع من يحب قولا واحدًا، فكيف بنا ننسى هذا الفضل العظيم الآن، ولا نحب الناس أو لا نتقرب من الناس إلا من أجل المصلحة وفقط.
التأليف بين القلوب من الله
نسينا أن الله بذاته العليا هو من يجمع بين القلوب الصافية التي تحب في الله، أنسينا قوله تعالى: «وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ ۚ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» ( الأنفال 63)، بل كان رسولنا الأكرم أكثر ألفة ومحبة لنا، لذلك تراه يدخر دعوته إلى يوم القيامة، فيقول: ربي أمتي، وما ذلك إلا لأنه أحب هذه الأمة في الله، وليس من أجل أي مصلحة، وبالتالي بات علينا أن نسير على خطاه، وكيف لا وهو قدوتنا ومثلنا الأعلى عليه الصلاة والسلام، الذي قال فيه رب العزة سبحانه وتعالى: «لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ » (التوبة: 28 ).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا».
اقرأ أيضا:
من ومضات شهر المحرم وفضائله.. كيف تلتمس النجاة كما التمسها موسى؟حب الصحابة
لما لا نعيد الحب الذي كان يجمع بين أفراد الصحابة، الحب الذي جعل الأنصار يفتحون بيوتهم لكل المهاجرين، ولا يجدون في صدورهم حاجة، بل ويطلب الأخ من أخيه المسلم أن يترك له زوجته إن أراد، لأي مدى كان الحب في الله هو الذي يجمع بينهم، فأين ذهب هذا الفضل؟.. وكيف لنا ألا نعيده الآن بيننا؟.. قال تعالى: « وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا » (الحشر: 9).
ليس هذا فحسب وإنما كل المسلمين الذي يأتون بعد ذلك يحبون من سبقوهم ويدعون لهم، قال تعالى يوضح ذلك: «وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ »، من بعد هؤلاء، وهم التابعون إلى يوم القيامة، « يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ » (الحشر: 10)، قد رضي الله عنهم، كما قال الله تعالى: « وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ » (التوبة: 100)، وما ذلك إلا بالحب في الله، فهلا سعينا أن نعيد هذه الصفة العظيمة وهذا الفضل العظيم بيننا مجددًا!.