هناك أمر ما بعيدًا عن الطباع ، عن الأفكار ، عن المعتقدات ، عن القوانين ، عن التحليل ، عن وجهات النظر ، عن الظروف ، عن الزمن ، عن اختلاف المكان ، عن أن كل واحد له طريقة تفكيره .. له أبعاده .. له طريقته .. له بيئته .. له تربيته و نمطه .. اسمها : ( الفطرة )
الفطرة التي تجعل الجاهل يفرق بين الصواب والخطأ دون أن يتعلم ..
الفطرة التي تجعلك تغضب للظُلم .. فتنصر المظلوم ..
الفطرة التي تجعلك حين تحب تقترب وحين تكره تبتعد ..
الفطرة التي تجعلك ترتبك حين تكذب أول مرة ..
الفطرة التي تجعلك غير مطمئن وأنت تخطيء ..
الفطرة التي تجعلك تتوجع من القسوة ..
الفطرة التي تجعلك تحن للحنية و الرحمة ..
الفطرة التي تجعلك تعرف كيف تفرق بين الأخلاق والأدب و قلة الأدب ..
الفطرة التي تجعلك تعرف يقينًا أن هناك إله لهذا الكون وإن كنت مولودًا في كوكب وحدك
الفطرة التي من دونها مستحيل أن تؤمن بالغيبيات ..
اظهار أخبار متعلقة
ما هي الفطرة؟
هذه الفطرة موجودة بيننا وأنزلها الله تعالى كنظام مبرمج داخلك .. أصلها نفخة رب العالمين فينا من روحه .. فكان بسببها أمر الله الملائكة أنها تسجد لك .. ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ).. نفخة من روح الله فيها أخلاق الله وأسمائه وصفاته .. هذه الفطرة هي هبة من الله عزو جل نستطيع بها أن نتفوق على منازل الملائكة !
لكن هذا هو اختيارك أنت.. أن تبذل جهدًا كبيرًا في الحفاظ على سلامتها وتنقيتها و تغذيتها أو في طمسها تماماً !.. فإما أن تفَعَّل فيها أسماء الله وصفاته فتتعرف على مفاهيم العلم مع البصيرة والرحمة واللطف والتوفيق والبركة والصبر والطمأنينة، وأمور أخرى عديدة أغلبها غيبيات تتفعل داخلك وأنت لا تشعر.
فإما أن تفَعَّل فيها مفاهيمك .. أهواءك .. ميولك .. أفكارك .. وحسبما تسوقك أو تقودك ! .. ولهذا فإن الأديان والكتب السماوية منهج حياة، ونظام متكامل لبناء النفوس والروح والعقول .. الأخلاق جزء منها .. مجرد تطبيقها وحدها لا يجوز !.. وهذا أبلغ رد على منا يقول ما هي الحكمة من الأديان إذا كان هناك أخلاق.
التقوى
الخلاصة عزيزي المسلم في هذه الآية، قال تعالى : (إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا ).. من الصعب أن تفرق بين أي شيئين وتميز الخير منها من الشر .. دون التقوى .. التي تساعد فطرتك على أن تظل موجودة وبها حياة .. كما تستطيع أن تميز بين الأشياء كلها.. والتقوى هي أنك تقي نفسك بقوانين الله وصفاته وأسمائه .. وهي درجات .. و على قدر هذه الدرجة ستُبصر .. وسيساعدك الله عز وجل ويمدك ..
قال تعالى يوضح ذلك: ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ). إذن اسعى للتقوى ولا تترك نفسك حتى تضيعها الأهواء، وإنما عش على فطرتك التي فطر الله الناس عليها، قال تعالى: ( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ).