إياك أن تحمل أحدهم فوق طاقته، فلكل منا فيه ما يكفيه وزيادة، أحيانًا يكون الإنسان في أشد الاحتياج لأحدهم، وحين يظهر هذا الشخص ترمي عليه كل حمولك فجأة، وكأنه ما صدقت أنك وجدته، فتطالبه أن يحمل عنك كل همومك، يطبطب عليك طوال الوقت، لا يتركك أبدًا، تتذكر فقط همك، وتنسى تمامًا أنه أيضًا بشر ، وقد يكون فيه أكثر مما فيك.. لذا إذا ظهر لك هذا الشخص، فإياك أن تظلمه أو تحمله ما لا يمكن أن يتحمله، وأيضًا إياك أن تقارن بينه وبين أحدهم كان بجوارك يومًا وتركك.. فالمقارنة دائمًا صعبة وأحيانًا مستحيلة، وتذكر ما كان يردده الأهل في السابق من حكم، ومنها: «كل واحد إللي فيه مكفيه .. متتوهمش من مظهرهم و صمودهم ».

معنى السند الحقيقي

كثير منا يفهم معنى السند بشكل غير صحيح، يتصور أن السند يعني إنسان (سوبر مان) أو (جوكر)، ليس به أي هموم، وقادر على تحمل أيًا من هموم الناس مهما كانت، ولا يئن ولا يشتكي.. وهذه ليست بالحقيقة، وإنما الحقيقة أن السند ليس معناها أنه يحملك أنت وماضيك وأن يعوضك عن كل ما فاتك، وأن ينسيك كل ما تعرضت له من مآسي.. فالسند يعني رفيق تبدأ معه طريق جديد بمعطيات جديدة .. تتعرف فيه على نفسك في ظروف جديدة .. وجوده يرمم فيك لا إرادياً لمجرد أنه أوجد لك سبل السلام بقيمكم المشتركة و الاقتناع و الود التي لم تكن ستتعرف عليهم و عليه لولا رحلة الفقد والنقص التي سبق وتعرضت لها قبل معرفتك به!


لذا عليك أن تستمتع بوجوده لبدايات جديدة .. لكن إياك أن تراهن على قدراته أو تمسكه بك، ولا تنسى أن أيضًا عنده همومه وحمولته التي تكفيه وزيادة.. لذا عليك أن تفصله عن الماضي و عن الحرب التي بداخلك وابدأ معه حياة جديدة خالية من الهموم والمشاكل وفقط.

اقرأ أيضا:

حتى لا تعيش دور الضحية.. كيف تتجاوز الخذلان وتقف مجددًا على قدميك؟

الشكوى لغير الله

قديما قالوا: «الشكوى لغير الله مذلة»، فإذا ضافت بك السبل، انأى بنفسك بعيدًا عن الناس في جوف الليل، واختلى برب القلوب، واسأله هو فقط أن يرفع عنك ما أنت فيه، فهو الوحيد القادر على ذلك، لكنه فقط ينتظرك تذهب إليه، والأمر بيدك.. واعلم يقينًا أن الشكوى إلى الله والتضرع له وسؤاله إزالة ما أصاب العبد مشروعة، ويدل لهذا ما حكى الله عن يعقوب عليه السلام أنه قال: «إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ» (يوسف86 )، وإياك أن تقول لعل الله لا يسمعني -حاشى لله-، فقد سمع شكوى المرأة التي ذهبت تشتكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سموات، فكيف به لا يسمعك!، وقال تعالى في شأن خوله بنت ثعلبة رضي الله عنها: «قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ» (المجادلة1 ).