يروى أنه حين سُئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: «كان خلقه القرآن»، لقد لخصت خلقه عليه الصلاة والسلام في ثلاث كلمات فقط، فهل من الممكن أن يكون إنسانًا مسلمًا في زماننا هذا خلقه كخلق النبي صلى الله عليه وسلم، أي خلقه القرآن.. بالتأكيد يستطيع أي مسلم أن يكون خلقه القرآن، ويسير على خطى نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، لكن عليه أن يعرف الطريق المؤدي لذلك.. وهو ليس بالوعر ولا بالصعب، وإنما أن يتصف بالآتي: (بالصدق.. والأمانة، والتواضع، والعفو، والرفق، والشكر، والصبر، والاستقامة، والرحمة، وسلامة الصدر، والحياء).. فمن كانت فيه هذه الخصال لاشك سار على نهج نبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم، وبالتالي كان خلقه أيضًا من القرآن.
أعظم الخلق
لو نظرت للصفات السابقة، ستجدها أخلاق الفرسان والشجعان، فلا يمكن أن يكون هناك صادقًا جبانًا، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» ( التوبة 119)، ولا يمكن أن يكون هناك مؤمنًا يخون الأمانة، قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» (النساء 58)، وما من مؤمن أيضًا تراه مغرور أو متكبر، قال تعالى: «وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» ( الشعراء 215)، كما لا يمكن لمؤمن ألا يعفو عن أخيه المؤمن، قال تعالى: « فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» ( المائدة 13)، أيضًا وجب بالمسلم أن يكون رفيقًا بالناس، قال تعالى: «اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى» (طه 44)، كما عليه أن يواصل الشكر لله عز وجل، قال تعالى: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ» ( إبراهيم 7).
اقرأ أيضا:
أعمال مكروهة تضيع عليك بركة وثواب يوم الجمعة.. احذر الوقوع فيهاصفات المؤمنين
أيضًا من صفات المؤمنين الذين يتصفون بصفات القرآن أن يكونوا صبورين، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (200)، أيضًا من أخلاق القرآن أن يكون المسلم مستقيمًا، قال تعالى: «فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» (هود 112)، كما عليه أن يتسم بالرحمة، تأكيد لقوله تعالى: «وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا» ( الإسراء 24)، وكل ذلك لابد أن يأتي معه سلامة صدر لاشك، قال تعالى: «وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا» (الحشر 10)، ثم مع كل ذلك يأتي الحياء، تأكيد لقوله تعالى: «أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ» ( العلق 14).