بقلم |
محمد جمال حليم |
الخميس 01 مايو 2025 - 02:16 م
كان من هديه صلى الله عليه وسلم التكليف بما يستطاع، وهذا المعنى عليه قامت الشريعة الإسلامية فشريعة التيسير على الناي قال تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها .. لا يكلف الله نفسا ألا ما آتاها. التيسير في حياة النبي: ومن يتأمل حياته صى الله علي وسلك وسيرته العطرة يجد أن سنة التيسير عنده في كل شيء فهو صلى الله عليه وسلم لم يخير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما. وهذا التيسير أمر به أتباعه فديننا دين التيسر في تنفيذ ما شرعه الله تعالى ففي الحديث الذي رواه أبوهُرَيْرَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَخْرٍ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: (مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ) رواه البخاري ومسلم. ويفهم من معنى الحديث كما يقول الشراح أن "فَاجْتَنِبُوهُ" تعني أي ابتعدوا عنه، فكونوا في جانب وهو في جانب. لكن إن وجد عذر يبيحه كأكل الميتة عند الضرورة ونحوه فهذا لا يكون منهيًا عنه في هذا الحال، وقوله: "وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" : يعني افعلوا منه ما استطعتم، أي ما قدرتم عليه. ولهذا مثال: يجب على الإنسان أن يصلي الفريضة قائمًا، فإذا لم يستطع صلى جالسًا. 3ويبين شراح الحديث أن قوله "فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم" تعني أي: لا تكثروا السؤال فربما يكثر الجواب عليه فيضاهي ذلك قصة بني إسرائيل لما قيل لهم: "اذبحوا بقرة" فإنهم لو اقتصروا على ما يصدق عليه اللفظ وبادروا إلى ذبح أي بقرة كانت أجزأت عنهم لكن لما أكثروا السؤال وشددوا شدد عليهم وذموا على ذلك فخاف النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك على أمته. ما يستفاد من الحديث: وبالنظر فيما يستفاد من الحديث نجد أن به عددا غير قليلي من القيم منها وجوب الكفّ عما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يجب من فعل المأمور إلا ما كان مستطاعًا، وأن كثرة المسائل سبب للهلاك ولاسيّما في الأمور التي لا يمكن الوصول إليها مثل مسائل الغيب كأسماء الله وصفاته، والمسائل التي لا ينبي عليها عمل ، كما يستفاد أن الأمم السابقة هلكوا بكثرة المساءلة، وهلكوا بكثرة الاختلاف على أنبيائهم. من تطبيقات التيسير في حياته صلى الله عليه وسلم: ومن أروع الأمثلة على التيسير في حياة النبي التيسير في بيته فقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم التيسير في الزواج، فعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مَئُونَةً» أحمد، النسائي. ويمكن بهذا أن ستفاد بهذا المعنى في حياتنا المعاصرة بالبعد عن تعقيدات الزواج التي تثقل كاهل الأسرة وتجعل كثيرا من الشباب يعزفون عنه لكثرة أعبائه وبالتالي تنتشر الفاحشة وتقل البركة في المجتمعات، ومن مظاهر التيسير في الزواج ما يأتي: التيسير في الاختيار، التيسير في حفلات العرس، التيسير في الأثاث، التيسير في نفقات المعيشة، ولهذا التيسير في الزواج أثره في تحقيق الاستقرار الأسري والمجتمعي، ومن ذلك ما يأتي: إقدام الشباب والفتيات على الزواج مما يحقق لهم العفة والتحصين، الاستفادة بكثير من الأموال التي تدفع فيما لا فائدة منه في تأمين مستقبل الأسرة المعيشي، من يَسَّر يَسَّر الله تعالى عليه، تجنب الديون المرهقة المذلة.