هناك بعض الأحاديث الموضوعة، التي يرددها العامة، وليس لها أي سند في السنة النبوية، لكنها تثير لغطًا كبيرًا حول ما يسمى بـ(رفع القرآن) من الأرض، وهو: «روي أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في معركة مؤتة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : يا جبريل ! هل تنزل بعدي ؟ فقال : نعم يا رسول الله ! أنزل عشرة مرات لرفع عشر جواهر من الأرض. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما ترفع ؟
قال جبريل : الأولى أرفـع البركـة مـن الأرض .
الثانية أرفع من قلوب الخلق الرحمة .
والثالثة أرفع الشفقة من قلوب الأقارب .
الرابعة أرفع العدل مــن الأمــراء .
والخامسة أرفع الـحياء من الـنســـاء .
والسادسة أرفع الـصبـر مـن الفـقـراء .
والسابعة أرفع الزهـد والورع من العلماء .
والثامنة أرفع السـخاء مـن الأغـنيـاء .
والتاسعة أرفــع الــقـــــــرآن .
والعاشرة أرفع الإيــمـــــــــان .
ويكمل من ينشره أو يتناوله بالقول: إننا في آخر الزمان رفع الحياء من النساء لم يتبق إلا القرآن الكريم والإيمان».. وهذا ليس بحديث وليس له أصل، ومن ثم فإنه خطر على الأمة لاشك الاعتقاد فيه.
تفنيد الحديث
وأكد العلماء في تفنيدهم للحديث، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم، لم يذهب إلى مؤتة بالأساس، بل أرسل جيشه وعلى رأسه سيدنا زيد بن حارثة، ثانيًا أن نزول سيدنا جبريل الأرض مرتبط بكونه الوحي إلى الأنبياء، أما وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان آخر الأنبياء فإنه لا سبب لنزوله مجددًا، بل أن حتى رفع هذه الأمور لا يتطلب على الإطلاق نزول سيدنا جبريل عليه السلام.. والأكيد عند جمهور العلماء أن الوحي انقطع تمامًا منذ وفاة الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، وحتى قيام الساعة.
اقرأ أيضا:
شهر الله المحرم.. تعرف على أفضليته وخصوصياته وفضل الصيام فيهرفع الأمانة
أيضًا مما يفند هذا الحديث، حديث آخر، لكنه صحيح، في بخاري ومسلم، من أن الخشوع والأمانة أول ما يرفع من هذه الأمة ، وليست البركة كما في هذا الحديث الموضوع، فقد روى الطبراني في " المعجم الكبير " عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « أول ما يرفع من الناس الخشوع».
الحديث الشريف يؤكد أن أول ما يرفع هو الأمانة، فقد جاء عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال : « أول ما يرفع من الناس الأمانة , وآخر ما يبقى الصلاة , ورب مصل , لا خير فِيه».