تعد التوترات في التعاملات داخل الأسرة والصراعات والنزاعات من علامات الأسر المعتلة وظيفيًا، التي تؤثر بالطبع على سلامة الصحة النفسية لجميع أفرادها خاصة الأطفال.
فيتخذ الأطفال في الأسر المعتلة هذه أدوارًا مختلفة للتكيف مع الأجواء غير الطبيعية التي يعيشون فيها مع أسرهم، نستعرضها فيما يلي :
- " الطفل المسئول" وهو الذي يطلقون عليه أيضا "بطل الأسرة" وهو الطفل الذي يتخذ دورًا أكبر من سنه، فهو مسئول ويمكن الاعتماد عليه، وهو طفل مجتهد في دراسته، ويتخذه الوالدان مثلًا ليثبتا من خلاله أنهما والدان مثاليان، وعندما يكبر هذا الطفل يكون قاسيًا، ومتحكمًا في الآخرين، عديم العاطفة على الرغم من نجاحه، فهو مجبر على أن يلعب دور الشخص المسئول طوال الوقت لأنه يفتقد للشعور بالأمان من داخله.
- وهناك "الطفل الممثل"، وهو الطفل الذي يتخذ دائما ككبش فداء أو الذي يطلقون عليه أيضا اسم مهرج العائلة، وهو الطفل الذي تخجل منه الأسرة دومًا على الرغم من أنه أكثر الأفراد صدقًا في مشاعره، ومع ذلك فالأسرة دائما ما تتجاهل مشاعره، وهو طفل شديد الحساسية كما أنه رومانسي حالم، وهو ما يجعله مصدرا للتهكم والسخرية ويجعل الأسرة لا تمنحه ثقتها.
اقرأ أيضا:
إشكالية العلاقة بين الأبناء والآباء.. من يربي من؟!- وهناك "الطفل الهادئ"، ميمون الطالع والذي يسوي المنازعات والخلافات بالمفاوضات، وهو يتميز بطيبة قلبه وكرمه وسخائه، وقدرته على الإنصات للآخرين، والاستماع لهم، ومثل هؤلاء الأطفال يهتمون بالآخرين ولا يهتمون بأنفسهم، وعندما يكبرون فإنهم يعطون الحب للآخرين ولا يعطيهم أحد الحب، وهم دائما ما يقعون في علاقات ينتهكون فيها، وغالبًا ما يحدث هذا أثناء محاولاتهم إنقاذ شخص آخر، وهم يمتهنون بمهن يخدمون من خلالها المجتمع وتعبر عن شخصيتهم كأن يعملوا كممرضين، أو كأخصائيين اجتماعيين، أو معالجين وهم دائمًا ما يشعرون بالذنب والتقصير تجاه الآخرين، ولا يقدرون أنفسهم حق تقديرها.
- أما الدور الرابع الذي قد يتخذه الطفل في مثل هذه الأسر فهو دور "الطفل المتكيف"، أو الطفل المفقود، أو الطفل الشبح الذي لا يراه أحد، وهو الطفل المستغرق في الخيال، وأحلام اليقظة، وتجده يهتم بقراءة قدر كبير من الكتب، ومشاهدة التلفاز، ويتعامل مع الواقع عن طريق الهروب منه. وهو دائما ما ينكر مشاعره، وينفي وجود أي شيء يضايقه، وعندما يكبر يكون لديه قدر قليل من الثقة بالنفس، يهاب مشاعر الود والألفة، أو وجود علاقات مع الآخرين، ويكون شديد الخجل، ومنطوي اجتماعيًا؛ لأنه يعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي تشعره بالأمان. وهذه الشخصية تنطبق على العديد من الكتاب والفنانين حيث يجدون من خلال الكتابة أو الفن طريقا للتعبير عن مشاعرهم وهم يختبئون خلف الشخصيات التي يجسدونها.
- كذلك هناك "الطفل الانتهازي"، ذو العقل المدبر الذي يستغل أخطاء الآخرين من أفراد الأسرة لتحقيق مصالحه الشخصية والحصول على ما يريد مهما بلغت قيمته.
وأخيرًا، "الطفل الوحيد"، وهو حالة خاصة في مثل هذه الأسر المعتلة حيث يلعب الطفل جزءا من جميع الأدوار التي ذكرت سالفا بالتبادل أو بصفة مؤقتة وهو ما يؤدي به إلى الشعور بالحيرة والارتباك والألم الشديد.
الآثار النفسية السلبية للأسر المعتلة على أطفالها
أما عن الآثار السلبية التي تتركها الأسر المعتلة وظيفيًا في نفوس أطفالها، والندوب الغائرة التي تسببها لهم جراء نشأتهم في مثل هذه الأسر فهي:
- عدم القدرة على التكيف والتواؤم مع المجتمع.- فقدان القدرة على اكتساب المهارات.
- عدم القدرة على تحديد السلوك السليم الذي يجب اتخاذه عند مواجهة المواقف بالإضافة إلى توقعاتهم الخاطئة عن سلوك الآخرين.
- لا يعيش هؤلاء الأطفال طفولتهم بصورة طبيعية فهم يكبرون قبل الأوان ويتحملون أعباء ومسئوليات أكبر من سنهم وهم لا يشعرون بهذا إلا عندما يمرون بضغوط وأزمات ونتيجة لذلك فهؤلاء الأطفال غالبًا ما يعانون من فقدان الثقة بالنفس والاكتئاب والعزلة وعدم القدرة على إقامة علاقات ناجحة.
- يعانون من مشاكل اضطرابات السلوك كالتدخين، وتعاطي المخدرات، وإقامة علاقات جنسية غير شرعية، والحمل المبكر.
- تكرار القيام بمحاولات للانتحار.
- قد تؤدي معاناتهم في طفولتهم إلى زيادة معدلات إصابتهم بالأمراض المزمنة كأمراض القلب، وأمراض الجهاز التنفسي، مع زيادة معدلات الوفاة المبكرة.
اقرأ أيضا:
هل يشابه أبناء المطلقين آباءهم ويستسهلون الطلاق؟