ماذا يعني الاعتقاد ينفي الافتراض؟.. يعني من اعتقد أن ما يحصل في حياتنا سابق في علم الله ومكتوب في لوحه المحفوظ، ولم يفترض في أحداث حياته فيقول لو فعلت كذا لكان كذا ، بل يقول قدر الله وما شاء فعل، فالإيمان بالغيب يدخل فيه جميع أركان الإسلام، لأن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.. هذا كله إيمان بالغيب.
عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم بارزاً يوماً للناس فأتاه جبريل فقال: ما الإيمان؟ قال: «أن تؤمن بالله واليوم الآخر وملائكته والكتاب والنبيين وتؤمن بالموت وبالحياة بعد الموت وتؤمن بالجنة والنار والحساب والميزان وتؤمن بالقدر كله خيره وشره، قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت».
صحيح الإيمان
إذن من شروط الإسلام والإيمان بالله عز وجل أن يؤمن العبد بأن الله عز وجل قدر له ما عليه في اللوح المحفوظ، فلا يفسق ولا يعجل، فقط إذا أصابه خيرا فرح به وشكر الله، وإن أصابه شر صبر عليه وحمد الله أيضًا، فهذا إنما هو حال المؤمنين، فعن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له»، إذن الإيمان بالقدر ينفي الافتراض، ويعطي للمؤمن الثقة في اختيار الله عز وجل له مهما كان، فعن الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت وبالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر».
اقرأ أيضا:
شهر الله المحرم.. تعرف على أفضليته وخصوصياته وفضل الصيام فيهأفضل الإيمان
أعظم وأفضل الإيمان، أن تؤمن بالله عز وجل غيبًا، وأنت توقن في رسالة حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، وأنت لم تره، فقد روى الحاكم عن عبد الرحمن بن يزيد قال: ذكروا عند عبد الله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وإيمانهم، قال: فقال عبد الله إن أمر محمد كان بينا لمن رآه، والذي لا إله غيره ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب ثم قرأ: « ألم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ» إلى قوله تعالى: «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ»، إذن كأنك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، طالما كنت مؤمنًا بالغيب، بل ربما أكثر فأنت من أحباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال فينا: «إني لمشتاق إلى إخواني» ، فقال الصحابة : أو لسنا إخوانك يا رسول الله ، فقال عليه الصلاة والسلام: «كلا أنتم أصحابي وإخواني قوم يؤمنون بي ولم يروني».