مرحبًا بك يا عزيزتي..
هذا مأزق يقع فيه الكثير من الأبناء، وتتسب فيه الكثير من الأمهات، وأغلبهن يفعلن بدون وعي، ولا قصد.
الافتقاد العاطفي للأم، مؤلم، بلاشك، ويسبب تأزمًا نفسيًا، وشرخًا، ربما ينتقل معك يا عزيزتي إلى أولادك بعد الزواج إن لم تعالجيه من الآن.
أعرف أن كلامي سيبدو لك غريبًا، ولكن الحقيقة هي أن الصدمات يتم توارثها، وما حدث لنا في طفولتنا من إساءات عاطفية أو جسدية تعيش داخلنا ونكررها بشكل قهري مع أبنائنا من بعد وبدون وعي .
لذا، لا أجد أفضل من كتاب جاسمين لي كوري "الأم الغائبة عاطفيا The Emotionally Absent Mother"، هذا الكتاب سيساعدك على فهم طفولتك، وقد تجعلك القراءة فيه تشعرين بالحزن والألم على طفولتك، ولكن من خلال هذا الكتاب يمكننا تحديد أهداف خمسة في طريق الشفاء والغفران للموقف الذي أنت فيه كالتالي، أضعه بين يديك كما كتبت مؤلفته:
1. ابحثي عن نموذج الأم الذي تحتاجينه فيمن حولك
نحن نجرح أنفسنا عندما نجد أنفسنا في البحث عن الأم في شخص واحد فقط - أمنا البيولوجية - فالنموذج الأصلي للأم هو نموذج عالمي، يصور شخصًا يربي ويرعى، غير أناني، مفتوح عاطفيًا، وإذا كانت أمهاتنا لا تفي بهذا الدور، فمن الضروري أن نجد شخصًا يفعل ذلك - سواء كان أكبر أو أصغر سنا، شخص يكون موجود معنا لفترة طويلة أو نتلمس وجوده في مواقف معينة.
2. كوني أماً لنفسك
إذا كنت تتعاملين مع نفسك بشكل غير جيد، مما يلحق بك الضرر، فلا تتناولي الطعام بشكل صحيح، ولا تخصصين وقتا لممارسة التمارين، وتقضين بعض الوقت مع الأصدقاء، ولا تمارسين الهوايات.. إذا كنت تشعرين أنك لا تستحقين المعاملة الجيدة من الآخرين ومن نفسك، فعليك أن تدركي أن تغيير هذا الاعتقاد هو أمر أساسي لتحسين حياتك.
لا تسمحي لهذا الصوت الخبيث في رأسك أن يمزقك.. كوني لطيفة ورفيقة بنفسك، وخصصي وقتا للأنشطة التي تجلب لك السلام والفرح، تحدثي مع نفسك كأم تتحدث إلى طفل وقولي لها مثلا "لقد عملت لفترة كافية، أنت متعبة الآن وتحتاجين إلى النوم.. تحتاجين إلى إبطاء سعيك وتناول وجبة صحية، لا شيء أهم من ذلك"، فمن الجيد أن يكون هناك شخص يبحث عنك في النهاية حتى لو كان هذه الشخص هو أنت.
3. اختبري واغفري
قال سقراط: "إن الحياة التي لا تختبر لا تستحق العيش"، لكن بالنسبة لمن يعانون من مشاكل مؤلمة، غالباً ما يكون من الصعب إعادة زيارة أوقاتهم الصادمة، فقد تجدين - عندما تراجعين أحداث الماضي - مدى ارتباط طفولة أمك بطفولتك، فقد يساعدك هذا على صورة واضحة ومتماسكة؛ قد تجعلك تدركين أنك لست بحاجة إلى أن تسامحي أمك فحسب، بل إنها تستحق غفرانك، فقد تجدين أنها أيضا قد عانت من غياب أمها العاطفي أو من رفض أمها لها، وقد تجدين أنها مرت بظروف قاسية في طفولتها.. كالخلافات العائلية وانفصال الوالدين والعنف العائلي أو غير ذلك من أشكال الإساءات التي يمكن أن يتعرض لها الأطفال.
وببساطة قد تكتشفين أن أمك لم تستطع أن تكون أما لك لأنه لم يكن لديها أم، ولم تكن هي أما لنفسها، فكيف يمكنها أن تكون أما لأولادها؟ هذه النظرة قد تجعلك أكثر قدرة علي الغفران.
4. اجعلي بيتك متمحوراً حول أطفالك
وفقا لجاسمين لي كوري، فإن العديد من الأطفال الذين نشأوا مع أمهات غائبات عاطفياً لم يكن لديهن منازل "تتمحور حول الطفل"، وتقول جاسمين: "هؤلاء الآباء لم يشرفوا على أطفالهم، ولم يتحدثوا مع أطفالهم، ولم يلمسوا أطفالهم، ولم يكونوا هناك عندما جاء أطفالهم إليهم طلبًا للمساعدة".
في الكثير من العائلات يكون للأم دائمًا أشياء أكثر أهمية من الأمومة، وقد تتحدث عن الأشياء التي تشغلها بدلا من التحدث مع الطفل عن نفسه، وقد تكون من الضعف والاحتياج مما يجعلها تروي لأطفالها كل مشاكلها الزوجية، وصراعات العمل، والمخاوف المالية.. مما يجعل البيت متمحورا عليها هي لا على أطفالها.
5. اتركي نفسك تشعر بكل شيء
تعلمنا في بيوت أهلنا أن ننكر مشاعرنا، فإذا قلنا لهم "نشعر بالحزن" يقولون: لماذا؟ لا يوجد ما يحزنكم.. حياتكم مثالية، ولا حق لكم في أي شعور إلا الشعور بالرضا التام، تعلمي أن تقبلي مشاعرك، ودوني مشاعرك وخبراتك كابنه لأم غائبة عاطفيا، أو ارسمي إن كنت تحبين الرسم، حيث يمكنك أن تجدي السلام بمجرد وضع الكلمات أو الخطوط على الصفحات.
والآن يا عزيزتي، ما رأيك؟
أرجو أن تكون الصورة قد اتضحت أكثر أمامك، وما أراه أن تجربي فورًا هذه الخطوات وأن تفكري جيدًا في ضرورة مساعدتك لنفسك على التعافي، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.