اللذة.. لأول وهلة قد يتصور أحدهم أنها في تناول طعام ما طعمه لذيذ، أو رحلة في أجمل بقاع الأرض، لكن هناك لذة من نوع آخر، لا يمكن وصفها، تتخطى معاني اللذات مهما كانت، لا يمكن لها أن تنساها، تمشي بين الناس فخورًا بنفسك، يملئك رضا غير عادي، لكنه أبدًا لا يمكن أن يتخطى إلى مرحلة الكبرياء والعياذ بالله، لأنه بالأساس ما فعلته ضد الغرور شكلا وموضوعا، أوتدري ما هو؟.. أنه طعم المشي في قضاء حوائج الناس.. هلا جربته يومًا!؟..
يروي أحدهم أنه يتذكر يومًا والده، وهو يدخل عليهم دائمًا مبتسمًا، فلما كبر، ودنا منه وسأله، ما الذي كان يسعدك إلى الدرجة التي تجعلك تدخل علينا يوميًا سعيدًا، فأبلغه بأنه كان يوميًا يملأ أبريق الماء لامرأة عجوز تجاورهم ولا تستطيع الحركة، فكان في كل مرة يشعر بأنه تملك الدنيا وما فيها لأنه مشى في قضاء حاجة هذه المرأة.
سبب الفخر
أوتدري عزيزي المسلم، سبب الفخر والعزة اللذان شعرا بهما الرجل حين مشى في قضاء حاجة المرأة العجوز، لأنه لم ينتظر منها شكرًا ولا حمدًا، وإنما فعل ذلك ابتغاء مرضات الله عز وجل، فكانت النتيجة أن ألقى الله عز وجل في قلبه رضا من نوع خاص، قال تعالى واصفا عباده المؤمنين: « إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا » (الإنسان: 9)، هو شعر برضا الله عز وجل عليه، فاستشعر قلبه فرحة لا مثيل لها، فمشي رافعًا رأسه بعزة ما بعدها عزة، وفخر ما بعده فخر، وأيضًا لأن ذلك سيرًا على خطى خير البشر، فالإحساس بآلام الناس والقيام بخدمتهم وقضاء حوائجهم من تمام رحمته، وكمال جوده وسعيه، وحسن أخلاقه وجميل صفاته صلوات الله وسلامه عليه ، وقد قال الله تعالى عنه: « وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ » (الأنبياء الآية:107).
اقرأ أيضا:
شهر الله المحرم.. تعرف على أفضليته وخصوصياته وفضل الصيام فيهأناس لا تعرف كلمة لا
هناك من بين البشر أناس لا يعرفون كلمة لا أبدًا، إذا طلب منهم شيئًا انت الإجابة بالفعل وليس بالقول، تنطلق نعم على ألسنتهم، وفي قلوبهم حركة غير عادية لتنفيذ المطلوب، وفي أجسادهم حماسة ليس لها مثيل لتحقيق ما يريده الناس من فورهم، وهؤلاء رضي الله عنهم لاشك في ذلك.
فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».