أيام عشرذي الحجة أيام فاضلة أقسم الله بها فقال: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]، وأخبرنا سيدنا رسول الله ﷺ عن فضل العمل الصالح فيها، فقال: «ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه» -يعني عشر ذي الحجة- قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: «ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ». [أخرجه البخاري]
وبحسب منشور لمركز الأزهر العالمي للفتوي الإليكترونية فإن اغتنام هذه الأيام يأتي عبر شغل الأوقات بالطاعات والعبادات، مثل:
أول هذه الطاعات هي ذكر الله سبحانه حيث قال سيدنا رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه سبحانه: «أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً». [متفق عليه]
ثاني هذه الوسائل هي التوبة والاستغفار.حيث قال سيدنا رسول الله ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إلى اللهِ، فإنِّي أَتُوبُ في اليَومِ إلَيْهِ مِئَةَ مَرَّةٍ».
ومن وسائل اغتنام هذه الأيام المباركة صيام تسع ذي الحجة. فعن بعض أزواج النبي ﷺ رضي الله عن الجميع قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَصُومُ تِسْعَ ذِي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ» وقال ﷺ عن صيام يوم عرفة يوم التاسع من ذي الحجة: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ». [أخرجه مسلم].
رابع وسائل اغتنام عشر ذي الحجة تتمثل في السعي إلى صلاة الفريضة في المسجد حيث قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَن غَدَا إلى المَسْجِدِ ورَاحَ، أعَدَّ اللَّهُ له نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ كُلَّما غَدَا أوْ رَاحَ». [متفق عليه]
ومن الوسائل كذلك لاغتنام عشر ذي الحجة تلاوة القرآن.حيث قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ قرأَ حَرفًا مِن كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ: آلم حرفٌ؛ ولَكِن: ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ». [أخرجه الترمذي]وليس بعيدا عن عن هذه الطاعات يبرز الدعاءحيث قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا» قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: «اللَّهُ أَكْثَرُ». أخرجه أحمد
ومن الطاعات التي يأمرنا رسول الله ﷺ بها خلال هذه الأيام المباركة تذكر الحجيج، الحجيج الذين قصدوا بيت الله العتيق بيت الله الحرام، وأن نتذكر هذا الحج وأن نتذكر الدروس التي يمكن أن نستفيد بها في حياتنا الدنيا حتى عند من لم يحج، يذكرنا الحج في إحرام الحاج وهو ذاهب إلى بيت الله الحرام بالموت، وأن هذه الدنيا فانية وأنها مرتبطة بالأخرة،
وكان من دعاء الصالحين في هذه الأيام المباركة بحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء "اللهم أجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا"، وأنه ينبغي عليك أن تعدها وسيلة للآخرة ،يظهر المحرم وكأنه في أكفانه، يذكرنا الحاج في إحرامه بالمساواة الرشيدة التي لا تعنى التساوي أبدا ؛ فهناك فرق بين الرجل في إحرامه والمرأة في إحرامها ؛ولكن ليس هناك فرق بين عربي وأعجمي ولا بين أبيض ولا أحمر إلا بالتقوى، الكل سواسية كأسنان المشط كما قال رسول الله ﷺ في وصف الناس أجمعين لا فرق بين الحاكم والمحكوم ؛ولا بين الغنى والفقير ؛ ولا بين القوى والضعيف ؛ ولا بين العالم والجاهل،
اقرأ أيضا:
شهر الله المحرم.. تعرف على أفضليته وخصوصياته وفضل الصيام فيهولعل تشديد الرسول علي تذكر الحجيج في عشر ي الحجة يتعلق أن الحاج في إحرامه يذكرنا بأن هذه الدنيا في قيامها لا تحتاج إلا القليل ؛فالإنسان عندما ارتدى هذا الإحرام اكتفى به في ستر عورته، اكتفى به في حاجة جسده، يمكن للإنسان أن يكتفى بالقليل، وما زاد على ذلك فهو فضل لا يتعلق به شأن الحياة وتستمر الحياه بدونه ؛اذًا هذا الحال من الاكتفاء يساعد على أن تكون أيها المؤمن قوى.
من جانب أخر وبحسب منشور أخر للمركز عن فضل ذي الحجة وموسم الحج فقد «مَكَثَ النبي ﷺ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ حِجَجٍ -أي سنوات-، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَاجٌّ هَذَا الْعَام، فَنَزَلَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَيَفْعَلُ مَا يَفْعَلُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَة -أي 25 من ذي القعدة-» [أخرجه النسائي]
المركز تابع قائلا :ثم حدد النبيُّ ﷺ مواقيتَ الإحرامِ المكانيّةَ لحجاج بيت الله الحرام، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَقَّتَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الحُلَيْفَةِ، وَلِأَهْلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ، وَلِأَهْلِ اليَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ، فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ؛ حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ». [أخرجه البخاري]