في مثل هذه الأيام الشداد، والاشتياق الكبير لزيارة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، بدت عقولنا وقلوبنا كأنها تريد شد الرحال إلى هذه الأماكن العظيمة، ولو بالروح، وبما أننا لا نملك سوى أرواحنا هذه الأيام للشغف والشوق والاشتياق، فعلينا أن نشد الرحال إلى المسجد بأرواحنا، نتغلب عن أحزاننا وأشواقنا، ولأجل ذلك، علينا أن نعرف كل شبر في هذا المسجد العظيم.. كي تتلقاه أرواحنا وتحسه وتشعر به، وتعيش معه خطوة - خطوة.
زيارة مسجد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، وشد الرحال إليه عبادة مستحبة في أي وقت ، وهي من القربات التي انعقد الإجماع على استحبابها ، وقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: « لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والمسجد الأقصى».
حلم اللقاء
عزيزي المسلم، ربما يمنعنا الوصول إلى قلب المسجد النبوي، لكن لا يمكن لأي فيروس أو ظروف مهما كانت أن تمنعنا لأن نصل إلى هناك في أحلامنا، وفي تصوراتنا، فلنعيش هناك للحظات، بكل جوارحنا.. دعنا نستشعر في قلوبنا شرف هذه المدينة العظيمة، إذ هي حرم رسول الله ، ودار هجرته ، ومهبط وحيه ، ومثواه بعد موته ، بها قامت دولة الإسلام ، وانتشر منها نور الهداية إلى جميع بقاع الأرض ، وهي أفضل البقاع بعد مكة ، من أرادها بسوء أذابه الله ، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم : « من أراد هذه البلدة بسوء ـ يعني المدينة ـ أذابه الله كما يذوب الملح في الماء».
اقرأ أيضا:
نساء خطبهن النبي ولم يتزوج بهنبلد المحبوب
المصريون تغنوا طويلا وكثيرًا، بالوصول إلى بلد المحبوب، وكان المقصود بها هي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمدينة المنورة بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، لها حرمة كحرمة مكة، وبها عطر أكرم الخلق، وصحابته الكرام، ولمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وزيارته آداب كثيرة ينبغي التأدب بها، إذ حرمة النبي صلى الله عليه وسلم، حيا كحرمته ميتا، فإذا وصل زائر المدينة إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، سن له أن يقدم رجله اليمنى وأن يقول : «بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك»، ومن هنا ومن أي مكان نظل نصلي عليه صلى الله عليه وسلم، حتى نعيش بأرواحنا وكأننا في مدينته المقدسة، ولن يمنعنا عن ذلك ألف وباء وفيروس.