من مبادئ الإسلام العظيمة، أن يداوم المرء على إتيان العمل الصالح، ولا يتردد في ذلك أبدًا، حتى وإن قل.
فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم كان يحتجر حصيرًا بالليل فيصلي عليه ويبسطه بالنهار فيجلس عليه فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا فأقبل فقال: «يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل»، فقد يكون للمرء ركعتان في جوف الليل فقط، إلا أنه يداوم عليهما كل ليلة، إذن عليه ألا ينساهما يومًا، فرغم قلة الركعتين، إلا أن المداومة عليهما تجعلهما من أقرب ما يحبه الله عز وجل في العبد.
الأهم الثبات
فالأهم هو الثبات على الحق، وعدم الحيد عنه، مهما حدث ومهما كانت الظروف، فطالما كان الحبل متينًا بينك وبين ربك، فاعلم أنك في أمان، وطمأنينة من الله عز وجل، كما قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «سددوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لا يدخل أحدًا الجنةَ عمله» قالوا: ولا أنت يا رسولَ اللهِ؟ قال: «ولا أنا، إلا أن يتغمدنِي الله بمغفرة ورحمة».
وفي ذلك يقول أحد الحكماء: «أحب العمل ما داوم عليه صاحبه، فإن الأعمال بالخواتيم، بخلاف عمل الأُجراء في الدنيا، فإن الأجرة تتقسط على المنفعة، فإذا عمل بعض العمل استحق من الأجرةِ بقدر ما عمل ولو لم يعمل إلا قليلًا، فمن ختمَ له بخير استحق الثوابَ، وكفر الله بتوبته سيئاته».
اقرأ أيضا:
شهر الله المحرم.. تعرف على أفضليته وخصوصياته وفضل الصيام فيهأبواب الخير
بالأساس الله يضاعف لنا الحسنات، فما بالنا لو داومنا على أمر ما من الخير، مؤكد ستتضاعف الحسنات لأكثر وأكثر، فعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف ، وميم حرف».
وبالتالي فإن المداومة تعني من ثواب الإبقاء على الحسنات، كما قال الله سبحانه وتعالى: « وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ » (الشورى: 23)، فالمواظب على عمل ما من الخير، كأنما الله يحميه به من كل شيء، وأنه له حفظًا من الشياطين.
وأهم ما في هذه الحماية هو حماية القلب من التحول، وفي ذلك يقول ابن مسعود رضي اللهُ عنه : «إن لهذه القلوب شهوة وإقبالًا، وإن لها فترة وإدبارًا، فخذوها عند شهوتها وإقبالِها، وذروها عند فترتها وإدبارها».