جميعنا لاشك يعلم جيدًا من هو عدونا الحقيقي، ومع ذلك، ترى الكثير منا يتخذه وليًا للأسف، قال تعالى يكشف لنا من هو العدو الحقيقي: «إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ» ( فاطر 6).
إذن الشيطان هو عدو البشرية الأول من آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، وقد طلب من الله أن يمهله إلى يوم الدين فأجابه الله على طلبه، قال الله تعالى: « قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ » (الحجر: 36 - 38)، إذ لم يطلب ذلك إلا لهف واحد فقط، وهو مراقبة الإنسان، والعمل على إيذائه وإبعاده عن طريق الحق، وإلقائه في غياهب جهنم وليعاذ بالله، ومع ذلك للأسف كثير منا يختار طريقه ويبتعد عن طريق الله عز وجل.
هكذا يحاربك
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن الشيطان يحاربك أينما كنت، وبكافة الوسائل، وبالتالي فهو دائمًا أبدًا حريص كل الحرص أن يكون الإنسان جاهلًا بربه، فقيرًا ضعيفًا مريضًا نفسيًا وجسديًا، لأن هذه العوامل تساعده كثيرًا على تحقيق أهدافه الخسيسة، وقد أخبرنا الله عن حواره مع إبليس وعن حقده وحسده للإنسان؛ قال الله تعالى: « قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ * قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ » (الحجر: 39 - 44)، لذلك فإن الأنبياء والرسل كانت مهمتهم بعد إقرار التوحيد، هي التحذير من الشيطان ومكره.
اقرأ أيضا:
سلامة الصدر.. خلق الأنبياء وصفة أهل الجنة وسمت الصالحينسلطان الشيطان
لكن هل للشيطان على كل الناس؟.. بالتأكيد لا.. فهو ليس له سلطان مباشر على الإنسان، بل أنه كيد الشيطانِ بالأساس ضعيف، وفي ذلك يقول الله تعالى: « إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا » (النساء: 76)، وأكده في آية أخرى، قال تعالى: « إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » (النحل: 99)، ولقد كشف الله سبحانه وتعالى للإنسان جميع حيل الشيطان، ومع ذلك للأسف البعض يقع في الخطيئة، وهو يعلم يقينًا أنه طريق الشيطان، وأن ما يفعله ذنب، لكن تغلبه نفسه وهواه وشيطانه، لكن الذين آمنوا إنما هم في معية الله، وبالتالي لا يمكن له أن يسيطر عليهم أبدًا، قال تعالى يؤكد ذلك: «فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ» ( النحل 100).