تشعرين بالذنب يا عزيزتي؟!
ومن السبب؟!
ربك الذي خلقك، ويعلم ضعفك، ويقبل توبتك، وأنت عنده ( الآن ) كمن لا ذنب له؟!
فورًا عليك ألا تشعري بالذنب الذي مسببه القوي هو هذا المجتمع المريض، الذي تغذى عقلك ووجدانك منه على أنك ( وصمة ) (مطلقة وتبحث عن رجل)، ثم رجل ورجل ورجل كلهم استغلوا حاجتك إلى ملاذ آمن، أنت تبحثين عن الملاذ الحلال الآمن وهم يبحثون عنك كصيد للتسلية ثم التخلي، فروا هم " مثل الشعرة من العجين" بعد أن تسلوا بالصيد، واستباحوا مشاعرك وربما جسدك، والتصقت بك أنت الوصمة والعار والفسق والفجور والخزي والرخص والسهولة .. و.. و.ز إلخ وصولًا لـ " الذنب " !
لو أن الأمر كما تصفينه يا عزيزتي فنساء كثر حق لهن الشعور بالذنب إذًا، فالكثيرات يتخبطن في سعيهن باحثات عن الحياة، وعمن يشبع احتياجاتهن البشرية التي أودعها الله في خلقنا، البحث عن الرجل، ليكون زوجًا، شقيقًا للروح، وهذا كله حق مشروع وصحيح وجميل، والخطأ يكمن في " التفكير "، التفكير في الرجل كـ ( ملاذ ) وليس ( شريك)، والفارق بينهما كبير.
كونه ملاذ معناه أنك ترين نفسك " مشردة " homeless لاشيء وبلا أي شيء تمتلكينه، شعور هش وضعيف ومؤذي للغاية سيجعلك وعفوًا " ممسحة أرضيات " لأي رجل غير محترم، للأسف هذا سمت زماننا، فربما تكونين غير مشردة ولكنك تفكرين في القوامة "كاملة"، "مثالية"، فلا تفعلي، فقد أصبحت ندرة نادرة، أما لو أنك تفكرين في الرجل كـ " داعم " فهذا معناه أنك ( قوية ) ينقصك شيء يكملك ولا يصلح لهذا سوى الرجل، لكنك بدونه لو اختفى لأي سبب لن تنهاري، هذا معناه أنك تفهمين تغيرات زمانك الذي تعيشينه لا المثال الذي لم يعد متاحًا .
إنها ليست مأساتك وحدك، فأغلبنا كنساء وفتيات نفكر هكذا بهذه الطريقة العقيمة، المهلكة، أن الزواج هو المخلص، وهو الأمان، وهو الوضع المحترم، ومنه نكتسب قيمتنا، ووجودنا بأسره!
إنها ليست مأساتك وحدك، فأغلبنا كنساء وفتيات، نرى الخطأ خطيئة لا تجربة معلمة، فنجلس ننوح ونولول على الخطيئة والفضيحة وكلام الناس، ومن ثم الحجر على الذات وحبسها في سجن الشعور بالذنب.
أدعوك للنسيان، نسيانهم جميعًا، كل من سرقوا من جسدك وروحك وعمرك ونهشوا قطعًا ثمينة ووصموك بأقذع الأوصاف، تخطي رقابهم ووجوههم بقدميك، فأنت الآن ناضجة بما يكفي، واعية بالحياة بما يكفي، توقنين بما يكفي أن هناك عناية إلهية تحسن إليك وتعتني وتلطف بك، ومن ذلك أنها ترسل لك هذا الرجل، يريدك زوجة، فاستخيري وتزوجي، وخوضي تجربتك، وقد لا يكون كما ظننت، نعم فهكذا ينبغي أن تكوني قد تعلمت، ربما صورته فاضل، ربما ما رأيته جانب وجهه المضيء وعليك من بعد الإرتباط التعامل مع وجه آخر، إلى جوار المضيء أو قد لا تجدين اضاءة على الإطلاق وأن ما رأيتيه كان وهمًا استطاع أن يريك إياه، هو تجربة، نجاحها أو فشلها لن يضيرك في شيء، لا لشيء سوى أنك قد عرفت الحياة، وعرفت نفسك، وتحترمينها، وتقبلينها، بعثراتها وعيوبها وأخطائها، وتحترمينها لما تخطه لنفسها الآن من خطط واعية لكي لا تستند على أحد لـ " تكون " ، فهي كائنة بنفسها بما يقويها، طريق واحد مستقيم يتفرع إلى فرعين أحدهما العلم والإجتهاد، والآخر عمل تحفظين به ماء وجهك وتستقلين عن العالمين وتُكفين، ورب يأخذ بيديك وناصيتك وروحك وقلبك إليه أخذ الكرام عليه.
وأخيرًا لا تلتفتي لكلام الناس، أنت ، أنت الآن، وفقط، أنت لست الماضي، لست المراهقة، لست الموصومة بشيء، أنت أفضل نسخة منك الآن بفضل كل تلك العثرات والخيبات لأنك ( تعلمت )، أنت (متصالحه ) مع أخطائك لأنها أنضجتك، أنت لست في صراع مع أحد ولا شيء، أنت سعيدة بتجربتك في الحياة، بعثراتها ومطباتها قبل انجازاتها ونجاحاتها!
وأخيرًا، أرجو أن يكون قد تركز في عقلك الباطن أن الرجل ليس هو السعادة، ولا الزواج، ولا الأولاد، هؤلاء ليسوا الحياة ، ولا السعادة، إنهم ( أجزاء ) من السعادة، ومن الحياة، وإن لم تكوني أنت سعيدة بذاتك، إن لم تكن لك ( أنت ) ( حياة ) لأن نفسك تستحق، فلن يغنوا عنك شيئًا، وقد جربت بنفسك.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.