عزيزي المسلم، اعلم أن شعورك بالتحدي للوصول للشئ أحياناً يكون أقوى كثيرًا من رغبتك في الشئ نفسه !.. وبالتالي فإن هذا يختصره جملة (الممنوع مرغوب).. ربما لا يكون شرطًا أن يكون مرغوبًا لرغبة حقيقية فيه.. لكن فكرة المنع مستفزة لحواسك، وبالتالي تطلبه مهما كان.
والسبب في ذلك أن الإنسان يحب أن يضمن ويتملك ويجرب ويكتشف، فالشعور هنا نسبيًا من شخص لآخر، ولذلك كلما كان الشخص عنيدًا ويستهويه التحدي كلما زادت رغبة التملك أو حب الوصول للهدف، وكلما كان الشخص صعب الوصول له تتضاعف هذه الرغبة بداخله بالتأكيد.
المشكلة هنا أن هذا الشعور من الممكن أن يتملكك ويشغلك و يخسرك كثيرًا خسائر حقيقية، قد لا تدركها أنت لأن كل هذا يحدث بالتدريج وأنت لا تدري وغير حاسس بما يحدث أو تحسبه جيدًا .. لمجرد أنك تركت نفسك من أول لحظة من غير أن تعرف هذه اللحظة إلى أين ستذهب بك !
تحجيم الأمور
لكن حتى لا تقع في هذه الدائرة المغلقة من الحيرة، لابد من البداية أن تضع بعض الأمور في نصابها وحجمها الحقيقي، تقاومها وتسيطر عليها بالعقل .. في البداية سيكون الأمر أسهل كثيرًا قبل أن ينقلب ضدك وتزداد تورطًا ولا تدري كيف تكون العودة.. لأنك اتخذت قرارًا تتحكم فيه الأهواء وفقط.. وبالتالي حينها ستؤذي نفسك ومن حولك، وكل هذا يحدث بهدوء وأنت غير مدرك تمامًا !.. وذلك لأن للممنوع دائمًا رونَقهُ حتى يصبح متاحًا، فإذا استمر رونَقهُ فهذا شئُ من الحب ، أما إذا ازداد رونقاً فهذا هو الحب ..
لكن مؤكد هناك حكمة إلهية في مسألة الممنوع، فهو يعلم ما يخفى كله، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وبالتالي ما منع إلا لعلمه بأنه لن يفيدك في حياتك، وربما يؤذيك أيضًا.
قال تعالى: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۖ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ۚ قَوْلُهُ الْحَقُّ ۚ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ۚ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۚ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ» ( الأنعام 73).
أساس الإيمان
أيضًا يرتبط الممنوع والغيبي بأساس الإيمان، فمن المؤكد أن الإيمان بالغيبيات من دلائل الإيمان ذاته، قال تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » (البقرة: 4، 5).
وبالتالي فإن الجري وراء الممنوع لن يفيدم بشيء وربما يضيع الوقت دون داعِ وفقط، لكن التسليم بأمر الله وما أعطاه للناس، لهو السبيل إلى النجاة والفوز بالجنة لاشك، قال تعالى: «﴿ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ » (العنكبوت
اقرأ أيضا:
آفة الرياء… داءٌ خفي يحبط العمل ويهدر الأجر