بقلم |
فريق التحرير |
الاحد 28 سبتمبر 2025 - 05:47 م
في عالمٍ يموج بالتنافس على المظاهر والألقاب، يطلّ علينا داءٌ خطير وصفه العلماء بـ"الشرك الخفي"، ألا وهو الرياء. تلك الآفة القلبية التي قد تحوّل الأعمال الصالحة من وسيلة للتقرب إلى الله إلى مجرد وسيلة لطلب المدح والثناء من الناس، فتصبح بلا روح ولا قيمة عند رب العالمين.
الرياء في ميزان الإسلام
الرياء لغة مأخوذ من "الرؤية"، وهو إظهار العمل الصالح للناس طلبًا لمنزلتهم أو إعجابهم. وقد جاء التحذير منه شديدًا في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ﴾ [الماعون: 4-6].
كما بيّن النبي ﷺ خطورته حين قال: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر"، قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: "الرياء" (رواه أحمد).
أثر الرياء على العمل
الرياء يحبط العمل ويذهب بأجره؛ لأن العمل يفقد شرطه الأصيل وهو الإخلاص لله وحده. وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (رواه مسلم).
فالعمل الصالح مهما كان عظيمًا – صلاة، صيام، صدقة، جهاد – إذا دخله الرياء، ضاع ثوابه، وصار على صاحبه وبالًا بدل أن يكون له رفعةً ونجاة.
صور الرياء في حياتنا
رياء العبادات: كمن يطيل الصلاة أمام الناس ويهملها في خلوته.
رياء الصدقات: من يتصدق ليُذكر في المجالس أو ليُثنى عليه.
رياء العلم والدعوة: من يطلب العلم أو يخطب ليمدحه الناس لا لوجه الله.
رياء المظاهر: كالذي يتفاخر بلباسه أو ماله أو أعمال الخير التي يقوم بها.
علاج آفة الرياء
تصحيح النية دائمًا: استحضار أن العمل لله وحده.
الإكثار من الأعمال الخفية: مثل صدقة السر وقيام الليل.
الدعاء بالثبات والإخلاص: فقد كان من دعاء النبي ﷺ: "اللهم اجعل عملنا كله صالحًا، واجعله لوجهك خالصًا، ولا تجعل لأحد فيه شيئًا".
التأمل في ضعف الناس: فمدحهم أو ذمهم لا يرفع ولا يضع، وإنما الأمر كله بيد الله.
إن الرياء قاطعٌ لطريق المخلصين، ومُهلك لطموحات الساعين للآخرة، وهو سبب في إحباط الأعمال وضياع الجهود. فالإخلاص لله هو جوهر العبادة وروحها، ومنزلةٌ لا ينالها إلا من طهّر قلبه من شوائب الرياء. فلنجعل شعارنا في حياتنا قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 162].