عزيزي المسلم، تعجل بالصدقة، قبل أن يأتي يوم لا يقبل فيه أهل الصدقة (أي المحتاجين) أي صدقة، بل يقولون لك: (لست بحاجة إليها الآن).
عن حارثة بن وهب رضي الله عنه، قال سمعت النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يقول: «تصدقوا فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها يقول الرجل لو جئت بها بالأمس لقبلتها فأما اليوم فلا حاجة لي بها »، انظر لخطورة الأمر لتجد نفسك في مأزق حقيقي، فإن تمسكت بمالك الآن، وترفض منحه لمن بحاجة إليه، فغدًا ستتمنى لو يطلبه أحدهم ولن تجد، بل أنهم سيتعففون تمامًا ويرفضونه، وحينها لن يكون أمامك سوى حل وحيد وهو أن تأكل مالك.. فهل هذا ممكنًا؟.
التسويف بالصدقة
من أخطر ما يقع فيه المسلمون الآن، هو تسويف الصدقة، كأنه يؤجلها، فهل يعلم متى سيموت حتى يفعل ذلك؟، وكيف لا يدري أن غدًا سيندم أشد الندم على ذلك؟.. بل وسيتمنى لو أن يعود به الزمان للوراء، ولم يدخر مليمًا واحدًا، وقد أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، أنه سيقع فقد الفقراء المحتاجين إلى الصدقة بأن يخرج الغني صدقته فلا يجد من يقبلها . فإن قيل : إن من أخرج صدقته مثاب على نيته ولو لم يجد من يقبلها ، فالجواب أن الواجد يثاب ثواب المجازاة والفضل، والناوي يثاب ثواب الفضل فقط ، والأول أربح.
اقرأ أيضا:
بيت الظالم يخرب قبل بيت الكافر.. فلا تظلم أحدًاليته جديد
نعم يا من ترفض التصدق الآن، ستندم غدًا لاشك، لكن بالمقابل من تصدق بالقليل سيتمنى لو كان كثيرًا غدًا، والدليل على ذلك أنه كان أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراش الموت، فنطق بثلاث كلمات: ليته كان جديدًا، ويذهب في غفوة، ويُفيق وهو يقول: ليته كان بعيدًا، ويذهب في غفوة ويُفيق وهو يقول: ليته كان كاملًا, وبعدها فاضت رُوحه، فذهب الصحابة رضوان الله عليهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليسألوه عن هذه الكلمات، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الرجل في يوم من الأيام كان يمشي، وكان معه ثوب قديم، فوجد مسكينًا يشتكي من شدة البرد فأعطاه الثوب، فلما حضرتْه الوفاة، ورأى قصرًا من قصور الجنة، فقالت له ملائكة الموت: هذا قصرك، فقال: لأيِّ عمل عملته؟ فقالوا له: لأنك تصدَّقت ذات ليلة على مسكين بثوب. فقال الرجل: إنه كان باليًا، فما بالنا لو كان جديدًا؟! ليته كان جديدًا! وكان في يوم ذاهبًا للمسجد، فرأى مُقعدًا يريد أن يذهب للمسجد، فحمله إلى المسجد، فلما حضرته الوفاة، ورأى قصرًا من قصور الجنة، قالت له ملائكة الموت: هذا قصرك، فقال: لأي عمل عملتُه؟ فقالوا له: لأنك حملت مُقعدًا ليصلي في المسجد، فقال الرجل: إن المسجد كان قريبًا، فما بالنا لو كان بعيدًا؟! ليته كان بعيدًا! وفي يوم من الأيام كان يمشي، وكان معه بعض رغيف، فوجد مسكينًا جائعًا فأعطاه جزءًا منه، فلمَّا حضرته الوفاة ورأى قصرًا من قصور الجنة، فقالت له ملائكة الموت: هذا قصرك، فقال: لأي عمل عملته؟ فقالوا له: لأنك تصدَّقت ببعض رغيف لمسكين، فقال الرجل: إنه كان بعض رغيف، فما بالنا لو كان كاملًا؟! ليته كان كاملًا.