عزيزي المسلم، عوّد لسانك على جملة علمنا إياها الحكيم لقمان عليه السلام، فإنها الأهم في الحياة كلها، لو أدركتها لندمت على كل ثانية تمر عليك ولا تقولها.
فقد أخرج البيهقي عن سليمان التيمي قال : قال لقمان لابنه : «يا بني، أكثر من قول : رب اغفر لي، فإن لله ساعة لا يرد فيها سائل»، تخيل لو وافقت هذه الساعة لسانك وهو يقول هذه الجملة (رب اغفر لي)، لسلمت دائمًا ولعشت مهما عشت ثم توفيت على هذه المغفرة مهما فعلت.
فالله قادر سبحانه وتعالى على أن يمحو خطيئاتك كلها في لحظة واحدة تردد فيها هذه الجملة العظيمة، ولما لا وهو الذي قال، وقوله الحق: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » (الزمر: 53).
وعد الله
وعد الله من يكثر من الاستغفار له، بفضل ليس كمثله فضل، ومتاع ليس كمثله متاع، قال الله جل شأنه: « وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ » (هود: 3)، ويفسر الإمام ابن كثير رحمه الله هذه الآية بقوله: إن الله يأمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة، والتوبة منها إلى الله عز وجل، وأن تستمروا وتحافظوا على ذلك في كل أوقاتكم.. فكيف يكون الأمر بهذه السهولة.
ومع ذلك نضيع أوقاتنا فيما لا يفيد، ونشغل ألسنتنا بما لا ينفع، بل فيما يضر، مع أن وعود الله فيمن يحافظ على الاستغفار ليس لها حدود، ومن ذلك، يقول الله سبحانه وتعالى عن نبي الله هود عليه السلام أنه قال لقومه: « وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ » (هود: 52).
اقرأ أيضا:
كيف تناجي ربك؟ وما الفرق بين المناجاة والدعاء؟الإجابة الفورية
لو سألنا أنفسنا، لماذا الله عز وجل يعد كل هذه الوعود لأجل الاستغفار فقط؟.. وماذا عن بقية العبادات؟..
لأن الإنسان خطاء، وبديهي أن يقع بعضنا أو كلنا في أخطاء، وهو الغفور، أي يغفر لمن يشاء بلا حدود، وبما أنه كذلك، فإنما منحنا كل هذا الفضل لمجرد كلمات تقال من وقت لآخر، قال الله سبحانه وتعالى راويًا عن نبي الله صالح عليه السلام، أنه قال لقومه: « يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ » (هود: 61)، وبالتالي فإن وعد الله عز وجل من استغفره وتاب إليه بإجابة الدعاء، والتاريخ مليء بالعديد من مثل هذه الشواهد.