كل فراق بين أحبّة له حكاية مؤلمة وموجعة، تتفاوت بين حالة وأخرى، لكن أكثر حالات الفراق إيلاما، هي فرق الأبناء لآبائهم، خاصة حينما يكون الآباء في اشد الحاجة والعون من أبنائهم.
قصة مبكية:
ذكر العابد عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: كان بمكة مُقْعَدان، وكان لهما ابن، فإذا أصبح حملهما فأتى بهما المسجد، ثم يذهب فيكسب عليهما، ثم يأتي حين يمسي فيحملهما فيردهما، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنه؟
فقالوا: مات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو ترك أحد لأحد لترك ابن المقعدين» ثم قام خطيبا فقال: «لو ترك أحد لأحد لترك ابن المقعدين».
وروي أنه قال: «لو ترك شيء لحاجة، أو لفاقة، لترك الهذيل لأبويه».
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟حكايات أخرى مؤثرة:
1-كان رجل قد بلغ الهرم وذهب عقله، ولم يكن له أحد يقوم عليه، وكان له ابن يقال له تميم، فنزل بتميم الموت، فنودي أبوه: يا أبا تميم، ألم تر أن تميما قد مات؟ فكأنه رجع إلى عقله فقال: لو ترك شيء لفاقة لترك لي تميم ".
2- يقول أحد العلماء: أقبلت من عُمرة المحرم، فنزلت بمكان كذا، فإذا أنا بشاب ميت، وظبي مذبوح، وفتاة تبكي، فقلت: أيتها الفتاة، ما خبر هذا الشاب، وهذا الظبي؟
فقالت: إن هذا ابن عمي، وهو زوجي، وإنا نزلنا هذا الموضع فمر به هذا الظبي، فأخذه فأضجعه ليذبحه، فلما أجرى الشفرة على حلقه ارتكض بيديه فوخزه بقوته فقتله.
3- وحى العابد أبو زيد الصوفي، قال: كان رجل من العبّاد أيام الفتنة يخرج إلى المقابر فزعا، طيلة نهاره وربما بات ليله في بعض الخرابات، فهو في فكرة وبكاء.
قال: فبينما أنا ذات ليلة في بعض خراباته، وذاك بعدما مضى ليل طويل، إذ سمعت هاتفا يهتف يقول:
وقِفْ بالقصور على دجلة ** حزينا فقل: أين أربابها
وأين الملوك ولاة العهود ** رقاة المنابر غلابها
تجيبك آثــارهم عنهم ** إليك فقد مات أصحابها
قال: فأرعدت والله وسقطت مغشيا علي.
4- ودخل العابد صالح المري، دار أبي أيوبالمورياني وهي خراب، وذلك بعد أن غضب عليه أبي جعفر المنصور، وطبّق عليه حد الحرابة.
فقلت: يا دار ما فعل أهلك؟ فإذا أنا بمناد ينادي من أقصى الدار: قف يرحمك الله يا صالح، هذا سخط مخلوق على مخلوق، فكيف سخط الخالق على المخلوق؟ لا إله إلا الله ".