يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ المُلكِ تُؤتِي المُلكَ مَن تَشاءُ وَتَنزِعُ المُلكَ مِمَّن تَشاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشاءُ بِيَدِكَ الخَيرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ».
تكررت المشيئة أربع مرات في آية واحدة ؛ لتنزع من قلبك وهم التعلق بغير الله عز وجل، ونحن ما أحوجنا إلى الله وما أشد حاجتنا إلى تذكير القلوب وتعليق النفوس بالله، ولم لا وهو القائل وقوله الحق: «الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » (الرعد: 28).
ومن أين إيماننا بالله وخوفنا منه سبحانه وتعالى، وأين رجاؤنا في الله وأملنا فيه وتوكلنا عليه وثقتنا به، يقول سبحانه وتعالى: « قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ » (التوبة: 51).
مشيئة الله
الآية السابقة تؤكد بما لا يدع أي مجال للشك أن الأمر كله بيد الله عز وجل، فلما العجلة والتسرع من أمرنا؟، وهل بيدنا أي شيء؟.. وبالتأكيد لا.. إذن علينا أن نؤمن يقينًا بأن الإرادة الإلهية فوق كل إرادة مهما كانت، قال تعالى: « قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ » (آل عمران: 40).
وقال أيضًا سبحانه: « وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ » (البقرة: 253)، وقال عز وجل: « ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ » (البروج: 16)، فكيف بالله يقول لنا ذلك، ونحن نغفل عنه؟، لذا علينا أن نوقن في التوكل على الله وأن نعلم أنه يعني اعتماد القلب على الله تعالى في إتيان المصالح ودفع الأضرار، ومعناه أيضًا تفويض الأمر لله، والاستعانة به في جميع الأمور، وربط الأشياء بمشيئته، وهو صفة إيمانية، ويقين، وثقة في الله عز وجل.
اقرأ أيضا:
لن تنال فضائل الاستغفار إلا إن قلته بهذه الطريقةالانتصار العظيم
أو تدري عزيزي المسلم أنك بتوكلك على الله ويقينك التام في مشيئته، إنما تكون النتيجة انتصارًا عظيمًا.
قال تعالى: « الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ » (آل عمران: ١٧٣)، وقال أيضًا سبحانه : « وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آَذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ » (إبراهيم: ١٢)، لأن في ذلك رفع أي يأس من قلوب الناس، واليقين في أن الله سيحل أي عسير مهما كان، فضلاً عن أن كل الرزق سيكون بين يديه،
إذ يقول نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم حول ذلك: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً" [تغدوا أول النهار جياعاً وترجع آخر النهار شباعاً».