وأنت تسير في هذه الحياة تدرك الكثير من الحقائق التي ربما لا تعرف قيمتها في وقتها لكن مع مرور الأيام تعرف فوائدها.
خلقنا الله تعالى وأكرمنا وكرمنا بالإسلام وجعل لنا الكثير من النعم التي تحفزنا وتساعدنا على السير إليه فهو بهذا لم يتركنا في مهب الريح تتخطفنا الأيدي لكنه أنزل الكتب وأرسل الرسل وبين لنا الصواب والخطأ ووعدنا وتوعدنا .. ومن فضله علينا ان جعل الاستقامة طرقا مسلوكا له مميزات كثيرة تعود على المستقيم نفسه فحاجتنا إلى الاستقامة حاجة ضرورية تعود بخيرها على الشخص نفسه حيث تحقق له السعادة وتخرجه من الضيق وتجعله مستريح البال واسع الأفق متسامحًا مع نفسه والكون من حوله كما تجعله مستقرا وبهذا يحقق الفوز في الدارين.
معنى الاستقامة:
والاستقامة هي الالتزام بما أمر الله تعالى ورسوله من أوامر ونواهٍ، وهي بهذا تعني اتباع الدين بكل تعاليمه لكا بقد الوسع والطاقة قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم فهي فعل الطاعات واجتناب المحرّمات، والتزام الصراط المستقيم برعاية حد الوسط مع الأخذ في اعتبار أن الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، فالإسلام إيمان بالله وحده دون سواه، ثمّ استقامة على منهج الله وشرعه من غير تغيير أو تبديل أو تقصير؛ على حدّ قول الحقّ سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأحقاف:13-14)، وقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله الثّقفيّ قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال صلى الله عليه وسلم: "قل: آمنت بالله، ثمّ استقم".
يقول أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في معنى الاستقامة: لم يشركوا بالله شيئا، ولم يلتفتوا إلى إله غيره، ثمّ استقاموا على أنّ الله ربّهم. ويقول الحسن البصريّ -رحمه الله-: استقاموا على أمر الله، فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته. ويقول عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنّهي، ولا تروغ روغان الثّعلب. يريد بذلك أنّ المستقيمين يلتزمون بالاستقامة دائما في جميع أحوالهم وأوقاتهم وليس وقتا دون وقت؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله-: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة.
فوائد الاستقامة:
ولالتزام بأمر الله تعالى والاستقامة على شرعه فوائد كثيرة تحقق لهم السعادة في الدارين وتتحقق بها معالي الأمور، وأعلى الدرجات والأجور، وبها يكمل الإيمان، ويضمن الأمن يوم البعث والنشور، وتعم الخيرات والبركات، ويسعد الأفراد والمجتمعات، فهي بهذا خصلة من أعظم خصال السائرين إلى الله تعالى، المستقيمين على شرعه وأحكامه.
وسائل الاستقامة:
وتتحق اللاستقمة عمليا بالمحافظة على المأمورات نم صلاة وزكاة وصيام وحج فهذه اركان افسلام.. وتزيد عليها من النوافل ما استطعت تقربا وتزلفا لله تعالى ابتغاء وجه دون النظر للمخلوقين .. ومن النوافل قيام الليل والصدقات وقراءة القرآن والتعاون على البر وأداء السنن النوافل ومحاول الالتزام بكل ما أمر الله به ورسوله على حسب الوسع والطاقة في مقابلة البعد عن الكبائر مثل الزنا والسرقة والسحر والكذب والغيبة والنميمة وغيرها من فواحش الذنوب وكذا البعد عن الصغائر وبهذا يتحقق لك الفوز والسعادة باستقامتك على أمر الله ويتحقق فيك وعد الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (فصلت:30-32).