هل من الممكن أن يموت الإنسان وهو على قيد الحياة؟.. بالتأكيد الموت هو انتهاء الحياة تمامًا، لكن هناك موت يتضمن غياب العقل والقلب، بينما لا تزال الروح حية، ولذلك فإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب، وبالتالي فإن القلب هو موضع نظر الرب، قال صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم»، فالقلب موضع نظر الرب، ومن هنا كان لا بد على العبد أن يشتغل بإصلاح قلبه، وإلا فإنه قد يموت للأسف، فمن علامات مرض القلب أن يقدم العبد حظه وشهوته على طاعة الله ومحبته ، كما قال الله عز وجل : «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً» (الفرقان:43).
وهن القلوب
عزيزي المسلم، اعلم يقينًا أن القلوب قد تكون سليمة، وقد تكون مريضة تصاب بالوهن، وهذا سبب آخر للفشل الدنيوي، لأن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، قال في حديث القصعة: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله المهابة من صدور أعدائكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت»، إذن إن من فساد القلوب أن يقذف فيها الوهن، أي حينما يقدم الإنسان دنياه على أخرته، فهو لاشك مات قلبه، ولو كان حيًا يرزق، وهنا للأسف قد يحيا الإنسان في هذه الحياة الدنيا حياة البهائم لا يعرف ربه عز وجل ولا يعبده بأمره ونهيه كما قال تعالى : « يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ» (محمد: من الآية12) .
الحياة الحقيقية
أما صاحب الحياة الحقيقية، فهو الذي عرف ربه، فالتزم، فلم يتعدى على حقوق الناس، ولم يترك عبادات الله إلا وأداها، فالقلب الصحيح يتوجع بالمعصية ويتألم لها فيعود بتوبة نصوح إلى ربه عز وجل ، كما قال تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ» (لأعراف:201)، فمريض القلب يتبع السيئة السيئة كما قال الحسن في قوله عز و جل : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب أما سليم القلب فيتبع السيئة الحسنة والذنب التوبة، بينما من يخشى الله عز وجل فهو حي قلبه، لأنه يستشعر الله فيه طوال الوقت، إذ يقول الله تعالى في وصف المتقين : « وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ» (آل عمران: من الآية135)، أي تذكروا عظمة الله عز وجل وعقابه فرجعوا إلى الاستغفار والتوبة.
اقرأ أيضا:
حق المسلم على أخيه... روابط الإيمان وأسس المجتمع المتماسك.. تعرف عليه