يكثر الانشغال في هذه الأيام بالماديات وتحصيلها والانكباب على الدنيا واللهث وراءها.. ولذا يكثر النزاع حتى بين الأقارب والجيران لأجل أشياء تافهة.
وكان الأولى أن يصرف العبد حبه لله فيحبب الله له كل شيء في صالحه ويبعد عنه ما يضره فإن أحب العبد الله وأقام على طاعته منحه الله القناعة وسهل عليه الصعاب وجعله ينظر للدنيا نظرة مختلفة فلا يتسارع عليها ولا يقاتل من أجلها وبالتالي يقل النزاع ويعيش الأفراد في سلام وأمان.. ويبقى السؤال كيف تحب الله؟
علامات حب العبد لله:
ومن علامات حب العبد لله يكون بمعرفتك كيف أقامك الله فتعرف أن العبد يحب الله إذا قام باتباع شرعه، وتعظيمه للشرع، ولزومه حد الله، وتركه المعاصي، قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم، وقال: فسوف يأتِ الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، فالمحب لله الصادق يطيع أوامره، وينتهي عن نواهيه ويسارع إلى مراضيه، ويقف عند حدوده، فترى العبد مهموم بطاعة الله ومشغول بما يحقق رضا الله ويكره المعصية وأماكن المعصية.
ويمكن تحقيق المحبة العبد الله بالآتي:
- أن تقدم محبة الله سبحانه على من سواه، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
- الانشغال بالطاعة والتقرب إلى الله بعبادته من تأدية الفرائض على أتم وجه، والاستكثار من النوافل، وعدم تضييع الأوقات فيما لا يفيد العبد في الآخرة.
- أن يكون العبد ذليلا لله تعالى منكسرا بين يديه سبحانه يقول ابن القيم: "فالرب تبارك وتعالى يريد من عبده الاعتراف والانكسار بين يديه والخضوع والذلة له والعزم على مرضاته".
-أن تحب ما يحبها الله وتكره ما يكره وتؤثر مرضاته على ما سواه، وتسعى في مرضاته ما استطاع، وتبعد عما حرمه الله وتكرهه أشد الكراهة.
- أن تكون راضيا بقضاء الله وقدره، قال ذو النون المصري: "ثلاثة من أعلام المحبة: الرضا في المكروه، وحسن الظن به في المجهود، والتحسين لاختياره في المحذور".
- أن تحب الأنبياء والرسل والصالحين والمؤمنين وتوقرهم وقد قيلا: من لوازم محبة الله أيضًا محبة أهل طاعته كمحبة أنبيائه ورسله والصالحين من عباده، فمحبة ما يحبه الله ومن يحبه الله من كمال الإيمان.
-أن تحب القرآن وأهل القرآن وفي هذا يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله عز وجل فليعرض نفسه على القرآن، فمن أحب القرآن فهو يحب الله عز وجل"، ويقول ابن القيم: "وكذلك محبة كلام الله، فإنه من علامة حب الله، وإذا أردت أن تعلم ما عندك وعند غيرك من محبة الله، فانظر محبة القرآن من قلبك، والتلذذ بسماعه أعظم من التلذذ بأصحاب الملاهي والغناء المطرب بسماعهم، فإن من المعلوم أن من أحب محبوبًا كان كلامه وحديثه أحب شيء إليه".