الصحابي الجليل كعب بن مالك ابن أبي كعب، واسمه بالكامل أبي كعب هو عمرو بن القين بن كعب بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري، الخزرجي العقبي الأحدي كان من شعراء النبي محمد وصاحبه، وأحد الثلاثة الذين خلفوا، فتاب الله عليهم. شهد العقبة، وروى ثلاثين حديثا الحديث. أتفق على ثلاثة منها، وأنفرد البخاري بحديث، ومسلم بحديثين. روى عنه بنوه: عبد الله، وعبيد الله، وعبد الرحمن، ومحمد، ومعبد، وروى عنه بنو كعب، وجابر، وابن عباس، وأبو أمامة، وعمر بن الحكم، وعمر بن كثير بن أفلح، وآخرون، وحفيده عبد الرحمن بن عبد الله.
كانت كنيته في الجاهلية: أبا بشير. وقال ابن أبي حاتم: كان كعب من أهل الصفة. وذهب بصره في خلافة معاوية. ذكره عروة في السبعين الذين شهدوا العقبة. وروى صدقة بن سابق، عن ابن إسحاق، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين طلحة بن عبيد الله، وكعب بن مالك. وقيل: بل آخى بين كعب والزبير.
وقد تحدث الواقدي عن هذه الواقعة بالقول : حدثنا ابن أبي الزناد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزبير وبين كعب بن مالك. قال الزبير: فلقد رأيت كعبا أصابته الجراحة بأحد، فقلت: لو مات، فانقلع عن الدنيا، لورثته; حتى نزلت: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فصارت المواريث بعد للأرحام والقرابات، وانقطعت حين نزلت وأولو الأرحام تلك المواريث بالمواخاة. وفي رواية ابن إسحاق: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين كعب وطلحة.
وقد ارتبط تاريخ الصحابي الجليل بواقعة شهدتها غزوة أحد رواه حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين الزبير وكعب بن مالك، فاصيب كعب يوم أحد، فجاء به الزبير، يقوده، ولو مات يومئذ، لورثه الزبير; فأنزل الله: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله.
وكانت للواقعة رواية أخري رواه الصحابي الجليل بنفسه حيث قال : لما انكشفنا يوم أحد، كنت أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشرت به المؤمنين حيا سويا، وأنا في الشعب. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم كعبا بلأمته -وكانت صفراء- فلبسها كعب، وقاتل يومئذ قتالا شديدا، حتى جرح سبعة عشر جرحا. قال ابن سيرين: كان شعراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة، وكعب بن مالك.
وكان للصحابي كعب بن مالك الأنصاري مناقب عديدة فو كان ، ذلك الطود الشامخ ، الذي جمع بين قوة السنان ، وفصاحة اللسان ، وغزارة الإيمان ، ورقة الوجدان ، من طليعة شعراء العصر الإسلامي الذين حملوا عبء الدفاع بشعرهم عن الإسلام ، فقد عبّر بشعره عن أسمى المعاني الإنسانية التي جاء بها الإسلام ، وصور المجتمع المسلم في أزهى عصوره التاريخية وهم الذين نصروا رسول الله صلّ الله عليه وسلم وآووه والمهاجرين .
الصحابي الجليل تزوج من أكثر من واحدة ، على عادة العرب في ذلك الوقت ، وهن : عميرة بنت جبير ابن صخر بن امية ، من بني سلمة ، وأنجب منها عبدالله ، وفضالة ، ووهباً ومعبداً ، وخولة ، وسعاد ، وقد أسلمت عميرة ، وهي أم معبد ، وبايعت الرسول صلّي الله عليه وسلم وصَلّت إلى القبلتين .
وصفية ، وهي من أهل اليمن ، وأنجبت له كبشة ، زوجة ثابت بن أبي قتادة الأنصاري ، وأنجبت له عبد الرحمن في عهد رسول الله صلّ الله عليه وسلم ، وقد توفي في خلافة سليمان بن عبد الملك .
وتزوج خيرة ويقال حيره ، وكان لها أولاد ، ولكن لم تذكر المصادر أسماءهم ، وقد ذكر الزمخشري أن لكعب بن مالك امرأة ، كانت من المهاجرات السابقات.
اقرأ أيضا:
قصة النار التي أخبر النبي بظهورهاوكان للصحابي الجليل كعب ثمانية ذكور وثلاث إناث ، وكان أكبر أولاده عبدالله ، أما أصغرهم فهو معبد ، ولكعب بن مالك ، أخ يقال له سهل ، وقد شهد بدراً ، وقتل يوم أحد شهيداً ، وقد اشتهر بيت كعب بالشعر ، كما اشتهر بالعلم والحديث ، فقد روي كعب بن مالك ، عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ثمانين حديثاً .
وكان الصحابي كعب بن مالك يتمتع بثقة لدى أصحاب الحديث ، يروى له أصحاب الصحاح والسنن ، وروي الحديث من ولده : عبدالله ، وعبيدالله ، عبدالرحمن ، ومحمد ، وكبشة ، ومعبد ، ووثقهم جميعاً أهل الحديث ، ويذكر أن زوجته خيرة هي الأخرى ممن روى الحديث .
ويروى الحاكم عن عبيدالله بن كعب أنه كان من أعلم قومه ، وكان عبدالله بن كعب من أعلم الأنصار ، وعبدالرحمن بن كعب كان ممن يفتي في المدينة من بعد الصحابة ، وعبد الرحمن بن عبدالله بن كعب من فقهاء المدينة البارزين ، وقيل أنه أعلم قومه وأوعاهم .
ومن المثير هنا الإشارة إلي أن الشاعر كعب بن مالك له أثر كبير في حياة الإسلام ، فإنه لم ينل من مؤرخي الأدب ما هو جدير به ، فلا يزال الربع الأول من حياته قبل أن يصل حبله بالإسلام غامضاً ، فلا تزال توجد فجوات في حياته لم يعرف عنها أحد شيء ، وإنما ما ذكر وتم توثيقه عنه كان بعد إسلامه