مرحبًا بك يا عزيزتي..
صحيح أن الزواج كعلاقة ليس علاقة فردية وإنما نسب وعلاقات عائلات أيضًا، إلا أن "الطلاق" ليس ما يوصم العائلات يا عزيزتي إلا إذا ارتبط بخلل في العقل والنفس، أما لو أنه حدث لعدم انسجام واتفاق بين الزوجين، فهذا هو الحال الأفضل لهما وللأطفال.
بحسب الدراسات، تأثير الطلاق على الأبناء أخف بكثير من التأثيرات النفسية التي تحدث للأبناء من يعيشون في أسر ظاهرها الارتباط والزواج ووجود الأبوين معًا، بينما بينهما ما صنع الحداد داخل البيت، مشاحنات، وخصام، وشجار، داخل البيت وأجواء مضطربة وعلاقات مشوهة يعيش فيها الأبناء، مما يجعل الاضطراب والمرض النفسي أقرب لهم ممن يعيشون بين أبوين مطلقين.
عزيزتي، لو أن هذا الرأي عام فقد أخطأت صديقتك، فالعميم تفكير خاطيء، هناك أسر مطلقين جيدة وليس فيها ما يعيب، ويمكن تقييم الأمر بشكل خاص، فلكل حالة خصوصيتها، أما التعميم فخطأ لا محالة، كما أن الدليل هو السمات الشخصية التي وصفت بها الشاب، فأحيانًا يكون بالفعل رب ضارة نافعة، فالابتلاء بالطلاق وتحمل الأم وحدها رعاية وتربية الأبناء والانفاق عليهم، يعلم الأبناء المسئولية وينضجهم مبكرًا عن أقرانهم، ويعرفهم حقيقة الحياة ومتطلباته وما يجب أن يكونوا عليه من بناء أنفسهم وشخصياتهم.
أما الجزئية الأخيرة الخاصة بأن الشاب شيكون شبيهًا بأبيه وأنه سيطلقك، كما فعل والده مع أمه، فهذا تفكير عجيب ومدهش!
ودعيني أسألك، لنفكر معًا، هل جد هذا الشاب مطلق أيضًا وقلده والد الشاب؟!
لو أن الأمر هكذا، والتطليق لديهم "وراثي" مرتبط بالجينات، فأنا أوافقك وصديقتك، ولكن ولأن الأمر ليس هكذا، فليس من المنطقي التعميم مرة أخرى، إذ ليس بالضرورة من يطلق أنه شابه والده، بل ربما يكون الأمر على العكس تمامًا، فمن يكون سويًا من أبناء المطلقين يكون أشد حرصًا على أسرته، واستقرارها، حتى لا يذيق نفسه وأبناءه أي أذى ولو بسيط بسبب الطلاق.
تعرفي يا عزيزتي بنفسك من خلال الخطوبة على أسرة الشاب، وعليه هو شخصيًا أكثر وأكثر، وتأكدي من سواؤه النفسي، واتزانه، ورجولته، وفقط، وحسن علاقته بأسرته، وفهمه الصحي للزواج، والحب، والأسرة، وبذا تطمئني من جهة كل ما يثير لديك شك أو قلق، وابتعدي رجاءًا عن "التعميم" وادرسي حالة الشاب بشكل خاص، حتى لا تظلميه أو تظلمي نفسك، وإن أردت بعد هذا كله "مشورة" فلتكن من "متخصص" وليس من الأصدقاء والأقارب وعموم الناس.
ودمت بكل خير ووعي وسكينة.