تختلف كلمات الإمام في تسوية الصفوف حيث هناك مقولات كثيرة ويقولها الإمام للمأمومين قبل الصلاة يأمرهم فيها الخشوع وترك الدنيا خلف ظهورهم وغيرها الدعوة لتسوية الص وعد ترك فرج للشيطان وغير ذلك.
الثابت في تسوية الصفوف:
وهذه النصائح برغم تعددها فإن لها أصلا في السنة والالتزام بما ورد على لسان رسول الله في هذا المقام وغيره أنفع؛ فالثابت أن هناك عدة أحاديث بألفاظ مختلفة وردت في تسوي الإمام للصفوف منه هذا ما رواه الإمام أحمد : "استووا وتراصوا"، فهذا هو الهدي الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وأيضًا ورد أنه كان يأمر بتسوية الصفوف فيقول: " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم". رواه مسلم.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بتسوية الصفوف والحث على ذلك، ففي صحيح البخاري من حديث أنس قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري.، كما في مسند الإمام أحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال: استووا وتراصوا.
كما ورد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تسوية الصفوف قوله: "أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، وَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ، ولفظ أبي داود: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْمُقَدَّمَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَمَا كَانَ مِنْ نَقْصٍ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ. وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
كما روى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا بِأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ والحديث صححه الألباني.
صلوا صلاة مودع:
أما قول الإمام صلوا صلاة مودع فإنها لم ترد صريحة والأصل فيها ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي أيوب رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، علمني وأوجز، قال: "إذا قمت في صلاتك فصل صلاة مودع..."، وانطلاقًا من هذا الحديث يقول بعض الأئمة للمصلين: صلوا صلاة مودع. والمقصود استشعروا في صلاتكم أنها آخر صلاة تصلونها، فإذا استشعرتم ذلك حملكم هذا الشعور على إحسان صلاتكم وإتقانها وأدائها بتمام خشوعها وطمأنينتها، لأنكم قد لا تتمكنون من صلاة بعدها.
لكن هذا لا ينبغي أن يكون على الدوام، لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه، والحاصل أن قول الإمام (صلوا صلاة مودع) لا حرج فيه إذا قيل على سبيل الموعظة مرة أو مرتين ونحو ذلك، لا على سبيل الدوام والاستمرار.
والحاصل أن النصائح والعبارات الأخرى التي يقولها الإمام للمأمومين من ترك الدنيا وتفكر الآخرة وغيرها فلا شك أنها تشتمل على فائدة كبيرة للمصلي؛ لكن لا ينبغي للإمام المداومة على الأمر بها لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام، بل الأفضل في حق الإمام توضيحها للمصلين بعد الصلاة -مثلاً- أو في درس خاص يبصرهم بأمور الصلاة التي هي من أعظم الفرائض.